كيف يكتب الغرب تاريخنا؟
تايه الجمعة تايه الجمعة

كيف يكتب الغرب تاريخنا؟

يقول الشاعر الداغستاني رسول حمزاتوف من يطلق الرصاص على حاضره وماضيه. سيطلق المستقبل عليه نيران مدافعه.

ولكن يبدو أن مجموعة كبيرة من الجامعات ووسائل الإعلام لها رأي آخر ينبع من مصلحة مالكيها الحاليين ومن يقف وراءهم: يجب إطلاق النار على ماضي الشعوب لنطلق المدافع والصواريخ على مستقبلها!
وهكذا وفي صحوة مفاجئة وبعد تجاهل استمر طويلاً، انتشرت مجموعة كبيرة من الدراسات التاريخية التي تصدرها جامعات العالم حول جوانب معينة من تاريخ الشرق. وتحتوي هذه الدراسات مجموعة كبيرة من الآداب الخيالية التي لا تمت إلى الواقع بصلة، بل هي من نسيج خيال مؤلفيها، أو تحتوي على مجموعة رسائل سياسية تصب في مصلحة من دفع ثمنها وموّلها ودعمها دون أن يسجل اسمه عليها.
ويظن هؤلاء أن وضع اسم جامعة كامبردج أو جامعة أكسفورد على هذه الدراسات يعطيها مصداقية كبيرة تفيد في تسويقها وانتشارها عند شعوب المنطقة.
ومن هذه الدراسات الصادرة عن جامعة كامبردج مؤخراً، محاولة مجموعة من طلاب هذه الجامعة وبإشراف محرر الكتاب تقييم تاريخ اليساريين في البلدان العربية وتقييم شخص مثل خالد بكداش بطريقة مجتزأة ومشوهة، أو إصدار دراسات تشوه التاريخ النضالي للثورة السورية الكبرى في الجامعات الأمريكية ودور النشر العالمية والعربية المطبعة مع الصهاينة، أو تشغيل جوقة من الإعلاميين البلهاء الذين لا يفهمون شيئاً عن التاريخ ومسار حركة التغيير في حياة الشعوب بل هم محترفون في اقتصاص أجزاء صغيرة وتشويهها وإعادة صياغتها تحريفاً وتسويقها كأحداث كبرى رئيسية ضمن منطق الشطارة الإعلامية ليبرالياً على طريقة المدرسة البريطانية، المدرسة التي حان وقت إعدامها تاريخياً.
نعود إلى الدراسة الصادرة عن جامعة كامبردج بالمشاركة مع جامعة أدنبرة عام 2020، اسم الدراسة «اليساريون العرب، التاريخ والموروث». تحرير: لورا غوراغس. ويختص كل فصل فيه بتاريخ أحد الأحزاب اليسارية. وكل فصل من تأليف كاتب، أي شارك العديد من الكتّاب في تأليفه. وتناول أحد الفصول خالد بكداش بعنوان «التعامل مع الخلاف: خالد بكداش وانشقاقات الشيوعية العربية». والذي احتوى مجموعة كبيرة من الأكاذيب، ومجموعة كبيرة من الدلائل على جهل المؤلف بتاريخ سورية وتاريخ خالد بكداش نفسه. أو ربما يعرف وقفز عمداً فوق هذا التاريخ لغاية في نفس يعقوب.
لقد قفز المؤلف عن محطات رئيسية في تاريخ خالد بكداش بوصفه رجل التغيير والحزب الشيوعي بوصفه حزب التغيير الذي ساهم بشكل كبير في نجاح الإضراب الخمسيني وتحقيق الجلاء ودعم نضال الشعوب العربية في فلسطين ولبنان وسورية والعراق والمغرب ولعب دوراً في الجبهات الوطنية ضد الديكتاتوريات والأحلاف الاستعمارية وغير ذلك. أي باختصار: لعب دوراً كبيراً في صناعة تاريخ سورية في القرن العشرين.
وتلقف الكاتب مجموعة الأكاذيب القديمة التي طالما رددها وصنعها تلاميذ الرجعيين المحليين والعالميين بحق خالد بكداش والحزب الشيوعي، ولم يستطع المؤلف سوى ترديدها، أي أعاد تسديد الضربات القديمة إلى التاريخ القديم. ليس أكثر من ذلك.
لماذا اليوم يا جامعة كامبردج كل هذا النبش في التاريخ؟ هل لأن الأعلام الحمراء باتت تخفق بكثرة في أدنبرة وسكوتلندا مؤخراً؟ أم هناك من يحاول تمهيد القصف على صعود اليسار الحالي عبر القصف على اليسار القديم؟ ومن يسلك هذا الطريق مصلحته معروفة، مصلحته هي مصلحة الرأسماليين والصهاينة والمطبعين العرب الذين أصبحوا اليوم جثثاً حية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1044
آخر تعديل على الخميس, 18 تشرين2/نوفمبر 2021 13:45