ضربة استباقية ضد روبن هود المعاصر
وردة بطرس وردة بطرس

ضربة استباقية ضد روبن هود المعاصر

ينتظر الكثيرون مسلسل بيت من ورق «LaCasa De Papel» الذي سيعرض موسمه الجديد في الشهر القادم. ويبدو أن نتفلكس قد استطاعت أن تستحوذ على شريحة واسعة من الجمهور لدرجة أن العديد من الحمقى صاروا يعتقدون أن المسلسل «ضد الرأسمالية». ماذا تريد نتفلكس؟ أو الأصح ماذا يريد من يقف وراء نتفلكس وما هي وظيفة هذا المسلسل في الحقيقة؟

سنسجل هنا العديد من النقاط ضد روبن هود المعاصر هذا الذي يسوق نفسه في عشرات الأفلام والمسلسلات الأخرى في الوقت الحاضر. وأكثرها سخافة هو هذا المسلسل بالذات.


الموقف الكاذب من الرأسمالية

يبدأ المسلسل في موسمه الأول بالانطلاق من انتقاد النظام الرأسمالي وضرورة مواجهته. أي إن نتفلكس ركبت الموجة الحالية الصاعدة المعادية للرأسمالية في الغرب، فأنتجت للجمهور طريقة استهلاكية لعداء الرأسمالية انتهت إلى تمجيدها في النهاية.
انتهى المسلسل إلى تمجيد الجريمة بشقيها الفاشي والمافيوي وتمجيد المال، وكل المسلسل يحكي قصة منظمة للمجرمين الأذكياء الذين يريدون محاربة الرأسمالية، فيسرقون البنوك ويعيشون حياة الأثرياء الرأسماليين!


النموذج النضالي المزيف

سرق المسلسل واحدة من أشهر الأغاني النضالية الشهيرة حول العالم، وهي أغنية بيلا تشاو «نشيد المقاومة الشيوعية الإيطالية المعادية للفاشية». وأوهمت نتفلكس جمهورها بأنها ضد الرأسمالية عبر انتقادها صراحة أولاً، وعبر بث هذه الأغنية ومصادرتها حتى أصبحت أغنية للمسلسل. بل أكثر من ذلك، فإن بيلا تشاو بصفتها أغنية المسلسل صارت تتصدر نتائج البحث على حساب الأغنية الأصلية. وانتهى المسلسل إلى تمجيد الفاشية، بل كان المسلسل واحداً من أدوات الفاشية الإعلامية بامتياز، وأفكاره الرئيسية تلتقي مع عشرات المسلسلات الأخرى مثل صراع العروش.
وهنا محاولة كلاسيكية لمصادرة الرموز الشيوعية وتحطيمها بهدف محاربة صعودها الحالي. وليس كما توهّم البعض بأن هذا المسلسل: شيوعي ضد الرأسمالية.
بل إن نموذج المناضل اليساري الذي سوّقه هذا المسلسل بشكل مباشر وغير مباشر، هو مجرد نموذج أجير حقير عند الفاشية والمافيا كأحزاب برجوازية في أحسن الأحوال. ولا علاقة له باليسار.


ماذا تريد نتفلكس؟

نتفلكس وأخواتها، مالكوها في العالم الرأسمالي، وتلاميذها المحليون في الجنوب الفقير الذين يقلدون أسلوبها، كل هؤلاء ومن وراءهم من المخفيين، يحاولون اليوم توجيه ضربة استباقية عالمية ومحلية ضد صعود أفكار الاشتراكية والعدالة الاجتماعية.
فسلاسل كاملة من المسلسلات العربية والعالمية أصبح هدفها تشويه صورة الاشتراكية على طريقة نتفلكس نفسها. وتشترك القناة الفرنسية الموجهة للشرق العربي والمغرب وسلسلة mbc السعودية الصهيونية وناشيوينال جيوغرافيك وغيرهم في هذا الهجوم الخلّبي الذي لن يستطيع سوى إثارة بعض التشويش لا أكثر.
واليوم يحاول ملوك المال عبر نتفلكس وأخواتها منع العاصفة القادمة، وذلك عبر تقديم عاصفة مزيفة من صنعهم على شكل «روبن هو معاصر» يسرق الرأسماليين ويصبح رأسمالياً!
هذا هو التغيير الذي يروج له هذا المسلسل. وهذه هي قصة تسويق نموذج روبن هود المعاصر من قبل الشركات ووسائل بثها ومنصات نشرها في محاولة لتمجيد منظومة الفساد العالمي. ولكنها ضربة استباقية خلّبية لأن الضربة الاستباقية لشعوب العالم أقوى.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1044
آخر تعديل على الخميس, 18 تشرين2/نوفمبر 2021 13:48