لماذا امتعض «أبو خليل» في يوم عيده؟
استيقظ «أبو خليل القباني» من رقاده الطويل، يدفعه الشوق والرغبة لزيارة المسرح المسمى باسمه في شارع 29 أيار بمدينة دمشق، ومشى الهوينى في أرجائها متفقداً ما آلت إليه شوارعها، يغمره الحنين إلى حاراتها وإلى البيوت الدمشقية، مستذكراً عبق أزهار الياسمين والنارنج، دفعه الفضول إلى حيث قادته قدماه لحضور العرض المسرحي المقام حينذاك ليشاهد بأم عينيه مدى التقدم الذي طرأ على المسرح السوري،
وهل مازالت نظرة المجتمع السلبية قائمة تجاه الممثل الذي كانوا يطلقون عليه «المشخصاتي» وقف بين المنتظرين لحين السماح لهم بالدخول، أثارت انتباهه الصورة الكبيرة الحجم المعلقة على الجدار في المدخل، وراح يتأملها ملياً، وسأل: لمن هذه الصورة؟ أجابه أحدهم: ألا تعرفها إنها صورة رائد المسرح العربي «أبو خليل القباني» داخَلَه الشك هذه ليست صورتي، ألا يعرف الإنسان صورته ساوره القلق فتقدم من أحد العاملين في المسرح مستوضحاً ومستفسراً عن صاحب هذه الصورة، فأجابه: أعتقد أن هذه الصورة للممثل «محمود جوكس» الذي لعب دور «أبو خليل القباني» وتدخل ممثل مخضرم كان يقف بين الجمع مصححاً وقال: لا.. هذه الصورة للممثل «نجاح المرادي» في المسرحية التي قدم فيها شخصية القباني، تضاربت الآراء، ولانعدام الهمة في البحث عن الصورة الأصلية «أبو خليل» فقد اعتمدتها مديرية المسارح والموسيقا بوزارة الثقافة فأصبح الاعتقاد لدى الجميع بأن هذه هي الصورة الحقيقية للقباني، وهنا امتعض «أبو خليل» وأصابه الإحباط وراح يضرب كفاً بكف ويهز رأسه يمنة ويسرة، مستغرباً، ومبدياً أسفه وعتبه على القائمين على شؤون الثقافة والمسرح في بلدنا، وأدار ظهره مغادراً بخطا وئيدة إلى حيث رقاده وهو يغمغم بصوت يبين متسائلاً: هل من المعقول أن يستعصي على الإنسان معرفة وجهه في صورته؟!..
المصدر: تشرين