14 شباط عيد الهوية السورية
نجحت الرأسمالية بفرض نظام هيمنة من طبقتين حسب تصنيف أنطونيو غرامشي، الأولى: تسيّر بالقوة عبر الحكومة والشرطة والجيش، والثانية: تسير بمفهوم التراضي الاقتصادي ومجتمع المنتفعين.
كما ميز غرامشي مستويين للهيمنة، المستوى الأول عالمي، والمستوى الثاني: محلي، وحين يفشل المستويان في فرض الهيمنة بالقمع، يجري فرض الهيمنة الناعمة عن طريق مؤسسات التعليم والدِّين والإعلام في دور لا يقل خطورة عن أدوار القمع.
على سبيل المثال، نجحت الرأسمالية في الهيمنة على تاريخ «14 شباط» في أذهان الناس عبر استخدام طبقتي الهيمنة: «القوة والتراضي» أي: باستخدام الدور القمعي لجهاز الدولة من جهة، ومن جهة أخرى استخدام منظومة المنتفعين الاقتصاديين. وامتزجت طبقات ومستويات الهيمنة لتلعب دوراً واحداً في الهيمنة على أذهان الناس من أجل إرجاع فكرة أو رمز حول تاريخ «14 شباط» إلى درجة هامشية، وبالمقابل تقديم فكرة أو رمز إلى درجة الأهمية الأولى.
تستعد فرق إعلامية لا نعرف عددها لبث عدد كبير من المواد تحضيراً لما يسمى «عيد الحب أو الفالانتاين» الذي يصادف «14 شباط»، كما يستعد معهم مجتمع هائل من المنتفعين الاقتصاديين لتسويق وبيع سلع الحب الحمراء، ويحدث ذلك كل عام في اتحاد بين الطبقة الثانية لنظام الهيمنة «المنتفعين» والمستوى المحلي للهيمنة بشكله الناعم.
نجح الاتحاد السابق في السيطرة على 14 شباط بوصفه عيداً لبيع وشراء الحب، وبالتالي نجح نظام الهيمنة في إرجاع 14 شباط بوصفه يوماً للهوية السورية إلى درجة هامشية في أذهان الناس. حيث يصادف هذا التاريخ يوم الإضراب الكبير في الجولان المحتل عام 1982 ضد فرض الهوية الصهيونية، والذي تلاه صدور الوثيقة الوطنية للمواطنين السوريين في مرتفعات الجولان السورية المحتلة.
أما في العراق، فيصادف هذا التاريخ يوم الشهيد الشيوعي لحزب كان يستطيع جمع مليون متظاهر في الأول من أيار. تراجعت أهمية هذا اليوم إلى مستوى هامشي بتأثير الطبقة الأولى والثانية لنظام الهيمنة «القمع والمنتفعين»، واتحادهما مع المستويين الأول والثاني من الهيمنة «العالمية والمحلية». فأصبح بيع وشراء الحب مهيمناً على تاريخ 14 شباط في العراق أيضاً. بعد كان هذا التاريخ يوماً للهوية الوطنية السورية، ويوماً للشهيد الشيوعي العراقي.