رسائل ممدوح عدوان إلى العام 2019
لؤي محمد لؤي محمد

رسائل ممدوح عدوان إلى العام 2019

مثل تلويحةُ الصقر لفرخ الكوكو قرر الطفل ممدوح عدوان أن يعبر النهر شتاءً، ليردَ مدينةَ مصياف كما تردُ رشفةُ العرَق شفتي الصّاب، ليتم فيها دراسته الابتدائية، وذلك بعد أن كان نجم القرية الطفل ومؤنس العجائز والشيوخ ممن كانوا يتحلقون حوله ليسمعوا الأخبار من الجرائد. واليوم بعد سنوات من رحيله، يرسل عدوان رسائله إلى السوريين حتى اليوم، فماذا يقول؟

 

أخطر ما يتهددنا
قبل عامين من رحيله، وفي الأول من آب 2002 تحديداً، أجرت «قاسيون» حواراً مع الكاتب السوري ممدوح عدوان، الذي امتد نشاطه إلى مجالات تبدأ بالشعر، ولم تنتهِ عند حدود الرواية، والمسرح، والصحافة، والدراسات الأدبية والنقدية والمتخصصة، والترجمة، والدراما التلفزيونية.
قال عدوان أن أخطر ما يتهددنا في عصر العولمة، إيماننا برأي الغرب فينا. وانتقد معاملة الناس معاملة سطحية على أساس تقديم وجبات ثقافية جاهزة دون تقديم أي بعد ثقافي في أيّ من الأعمال الدرامية التلفزيونية؟ وأضاف: أنا أرى أنه من الغباء التعامل معهم على أنهم أغبياء، إنني أقدم بلغة الناس ولغة الناس يفهمها الناس... لغتي خاصة ولكنها لغة ناسي وأهلي... والكل الحمد لله يفهمها، والدليل أعتقد أن رسائلي قد وصلت. وأن الجمهور استلمها وآخرون امتعضوا منها.
كل فنٍ جيدٍ يكون قريباً من الناس، كل ثقافةٍ جيدةٍ يتقبلها الناس، والرواية عندما تكون جيدة تكون قريبة للناس، والسينما الجيدة، والشعر الجيد، والمسرح الجيد، والبحث الجيد، وكل ما هو جيد يلقى قبولاً ويدخل مباشرة إلى قلوب الناس، ولكن سبب استحواذ التلفزيون على الاتصال المباشر مع الناس هو وجوده في كل بيت وتنوعه... وقلة كلفته... بينما المجالات الأخرى باتت أكثر صعوبة، لدينا للأسف أزمة قراءة أساسها أزمة الكتاب والسبب اقتصادي... فرغم الحسومات على أسعار الكتب في معارض الكتاب الكثيرة، ما زال من الصعب على المواطن اقتناء أكثر من كتاب كل شهر، لأن متوسط دخل الفرد خمسة آلاف ليرة، وإذا أراد شراء عشرة كتب لدفع راتبه بالكامل.
ممدوح عدوان في سطور
ولد ممدوح عدوان في الثالث والعشرين من شهر تشرين الثاني عام 1941 لأبٍ من أسرة ريفية فقيرة كان يشتغل في الإصلاح الزراعي؛ ودرس الابتدائية في قريته قيرون ثم انتقل لدراسة الإعدادية والثانوية بمصياف بريف حماه. درس ممدوح الأدب الإنكليزي بجامعة دمشق وتخرج منها عام 1966 حيث لمع نجمه في الأوساط الطلابية عبر مشاركته في العديد من الأنشطة الجامعية بعد نشره لمجموعة من القصائد في مجلة الآداب البيروتية.
يعتبر ممدوح عدوان من الجيل الذي أغنى المكتبة العربية بما ينوف عن مئة وأربعين كتاباً في المسرح والرواية والنقد والترجمة كما أنه يعتبر من أهم كتاب السيناريو التلفزيوني ومن أبرز مؤلفاته: رواية أعدائي - دار الريس 2000»، «عليك تتكئ الحياة - شعر - 1999» ومسرحيات «حال الدنيا، المخاض، القيامة، أكلة لحوم البشر» ومن أبرز مؤلفاته كتابه «حيونة الإنسان - 2003» ومن أبرز ترجماته « تقرير إلى غريكو» لنيكوس كازنتزاكيس؛ كما أنه كان كاتباً لامعاً في مجال السيناريو التلفزيوني وساهم في نهضة الدراما السورية في هذا المجال بكتابته لسيناريو مسلسل «الزير سالم - 2000» والذي أخرجه للتلفزيون الفنان حاتم علي وحقق نجاحاً غير مسبوق بعد إثارته جدلا كبيرا حول شخصية الزير في السيرة الشعبية.
توفي ممدوح عدوان في التاسع عشر من شهر كانون الأول عام 2004 ودفن في قريته قيرون بعد صراع طويل مع مرض السرطان. استمرت زوجته إلهام عدوان في نشر تراثه عبر دار ممدوح عدوان للنشر حتى رحيلها قبل سنوات.