(أبو صابر) سائحٌ في أوروبا
ضجت الصحف الألمانية والأوروبية نقلاً عن صحيفة «20Minuten» السويسرية بخبر شراء سائحين سويسريين لحمار مصري بـ 800 يورو «30 ألف جنيه»! واحتلت قضية الإنسان الشرقي «المتوحش» الذي يعذب حماره والسائح الأوروبي «الإنساني» الذي أنقذ الحمار من التعذيب حيزاً مهماً من التغطية الإعلامية، وما تلاها من استنفار جمعيات الرفق بالحيوان وانطلاق حملة إعلامية وصلت لحد رفع دعوة قضائية بحق الرجل المصري، وإخضاع الحمار للعلاج في المشافي حتى أصبح سائحاً في أوروبا!
رفقاً بعقول الناس وعقل أبي صابر نفسه، في الوقت الذي يتورط فيه الأوروبيون بقتل آلاف البشر سنوياً عن طريق الحروب والمجاعات والأوبئة المصنعة وبالتالي لا يقيمون أي اعتبار لحياة الإنسان، يطلقون الحملات الإعلامية الهزلية من هذا النوع رفقاً بالحيوان!
في قضية أخرى، تعتبر «الصحافة الاستقصائية» مقياساً للديمقراطية في الاتحاد الأوروبي الذي يرسل بعثاته الصحفية من هذا النوع إلى بلدان «الجنوب الفقير» للتبشير بالديمقراطية! لذلك تنشط مجموعات ومنظمات غير حكومية تعمل لصالح إداراتها بالمركز الأوروبي في البلدان التي يعتبرها الاتحاد الأوروبي بلداناً تعاني الاستبداد. والحل في ذلك هو الصحافة الاستقصائية!
هل يسمح الاتحاد الأوروبي أن يقوم هذا النوع من الإعلام بتهديد مصالح القلة المسيطرة؟ وبالتالي هل هو ديمقراطي وفق مقاييسه للإعلام؟
الجواب في مصير العاملين في الصحافة الاستقصائية الأوروبية، قتلت الصحفية الاستقصائية دافني غاليزيا بتاريخ 17 تشرين الأول 2017 في مالطا، إثر تفخيخ وتفجير سيارتها قرب منزلها، بعد أن نشرت عدة تحقيقات حول ارتباط زوجات المسؤولين في جزيرة مالطا بعمليات فساد وتبييض أموال على المستوى العالمي.
هل أصبحت «الديمقراطية الأوروبية» المفترضة على المحك بعد هاتين الحادثتين؟ أم أن ديمقراطيتها مزيفة زيف استعراضاتها الإعلامية منذ حرب البلقان إلى شارلي إيبدو إلى «نجومية» دافني غاليزيا الغريبة في قضية وثائق بنما، وليس أخيراً تحويل أبي صابر إلى سائح أوروبي. ماذا لو أضرب العمال من أجل أجورهم؟ هل سيحظون بالاهتمام نفسه؟
وضعت الحادثتان الديمقراطية الأوروبية على الميزان، وأعطت قياساً لمدى الحريات الصحفية والديمقراطية في الاتحاد الأوروبي في الأسبوع الماضي فقط، وحصلنا على نتيجة أن أبا صابر أصبح سائحاً في أوروبا!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 834