رجل واحد خلق لنا ربيعنا الذي بدأ للتو
رجل واحد.
رجل واحد بمفرده أعادنا إلى الحياة.
لم يقم بعملية انتحارية على طريقة حماس. لم يقتل أحدا أو يجرحه. فقط أعلن إنه لن يقبل أن يعتقل إداريا. أي لن يقبل أن يعتقل بلا تهمة. قال لنفسه: الموت أفضل من هذا. وقرر أن يصوم حتى الموت أو أن يخرج من المعتقل.
... وفي اللحظة التي قال فيها ذلك، ومارس بناء على قوله، أعادنا إلى الأساس، إلى المركز، إلى الجوهري، كانسا بلحيته العريضة فتحاً وحماساً والسلطة والمنظمة وعباس وفياض وهنية ومشعل.
كنسهم جميعهم باتفاقاتهم ووزاراتهم وألاعيبهم كلها.
كنس بلحيته الطاولات ومن عليها. كنس اتفاق الدوحة، واتفاق القاهرة، واتفاق البصرة إذا أردتم، وأفهمنا الأمر كله: الموت بشرف أفضل من الحالة التي نحن فيها.
وبجوعه عدنا إلى نقطة البدء إلى الاحتلال أولا وأخيرا. عدنا إلى الاعتقال الإداري الذي يتم في الليل والنهار، في الصبح والمساء، تحت بصر 80 ألف رجل أمن. يأتي الإسرائيليون ويعتقلون من أرادوا، ومن دون سبب، ولا أحد يرفع إصبعه احتجاجا. 80 ألف رجل أمن لا دخل لهم بهذا. فهم مخصصون لحماية أمن إسرائيل من الناس، لا حماية الناس من إسرائيل. لذا يأتي الإسرائليون ويعتقلون من أرادوا ورجال الأمن هؤلاء يديرون ظهرهم كي لا يروا.
رجل واحد كبّ الماء البارد على هذا، كبه على سكوتنا وعلى قذاراتنا، على (حكومتنا) و(سلطتنا).
رجل واحد وحيد رفض أن يقبل ما قبلته السلطة، وجعلت الناس يقبلونه بسياستها المستسلمة.
رجل واحد قرر أن يموت جوعا بدل أن يقبل الوضع.
وحين أغلق فمه عن الطعام انهار اتفاق الدوحة واتفاق تقاسم المناصب، وكل الجنون الذي نعيش فيه.
كان على واحد أن يقفل فمه أمام صحن الطعام كي نكتشف أنفسنا وضياعنا.
كان على غاندي من قباطية أن يصوم كي تعود الأمور إلى مركزها وبدئها.
كان على هرقل ما أن ينظف الإسطبل من قذاراته.
وتقدم خضر عدنان بلحيته الكبيرة كي يفعل ذلك.
لم يطرح خضر قضيته وحده، بل طرح قضية شعب بكاملها، وأعادها إلى سكتها الصحيحة.
بعد اليوم، لن نكون قادرين على احتمال الاعتقال الإداري، حتى لو احتمله عباس، وحتى لو قبلته الأجهزة الأمنية. يجب ان يصبح هذا من الماضي.
رجل واحد اسمه خضر خلق لنا ربيعنا الذي بدأ للتو.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 541