فنجان قهوة
صاحب البقالية، نصحني بشراء كمية احتياطية من السجائر الفرنسية التي أدخنها عادة، وقال بحماس: (ربما ستفقد قريباً، بعد أن اتجه أغلب الزبائن إلى تدخين التبغ الفرنسي والوطني، ومقاطعة التبغ الأمريكي).
وحين طلبت منه معجوناً للحلاقة، استبدل الماركة الأجنبي، بماركة وطنية، كنت أرفض استعمالها من قبل، والأمر ذاته انسحب على معجون الأسنان وشفرات الحلاقة.
ابنتي ذات الأعوام الستة، همست بأذني أنها تريد شراء كيس من السنيكرز، فقلت لها على الفور : (إنها أمريكية) فاقتنعت بشكولا وطنية، ووفرت علي دولارين.
اللوحات الطرقية الكبيرة، استبدلت إعلاناتها المعتادة، بإعلانات تدعو إلى مقاطعة البضائع الأمريكية، ضمن حملة شعبية واسعة، تقودها (اللجنة الدائمة لدعم الانتفاضة)، أما القائمة التي وزعتها هذه اللجنة، وتحتوي على أسماء البضائع والشركات الأمريكية، فتشتمل على نحو 100 صنف، تبدأ بالمشروبات الغازية ومساحيق الغسيل، ولا تنتهي بالكاتشاب ومبيدات الصراصير.
وفي المنزل كان علي أن أتفقد الموجودات ذات المنشأ الأمريكي، وفي نهاية الجولة، خرجت خاسراً، إلى درجة أنني لم أتمكن من قلي وجبة بطاطا، بسبب أن الزيت كان أمريكياً أيضاً.
صحيفة (يدعوت أحرونوت) الإسرائيلية، كشفت من جهتها، أن الصادرات الإسرائيلية إلى البلاد العربية، زادت خلال عام 2001 بمعدل 8 بالمئة، وأن بعض الدول العربية تستورد بضائع إسرائيلية بنسبة تصل إلى 40 بالمئة من وارداتها السنوية!.
قلت لزوجتي التي كانت تنتظر نشرة الأخبار في التلفزيون، إنني أشعر بالاختناق: (تصوري حتى الهواء المكيف في غرفتنا أمريكي).
جلست أتابع نشرة الأخبار : الشاشة يابانية، لكن بطاريات جهاز التحكم أمريكية.
الجثث في العراء والدبابات تتجول في الشوارع كما لو أنها في نزهة، والمذيعة الحسناء، تعتذر من المحاصَر الفلسطيني على الهاتف، لتقديم فاصل عن شامبو أمريكي!.
(هل تكفي كل هذه الكمية من الرغوة المعطرة لغسل عارنا اليومي؟)
في المقهى كان الأصدقاء يتداولون خبر طرد القنصل الأمريكي من أحد مطاعم (باب توما) بنوع من النشوة.
أحدهم كان يروي الحادثة بحماسة مستبدلاً السفير بالقنصل. صحح آخر: (لا .. إنه القنصل وليس السفير). آخر قال : (لا يهم، لكن صاحبة المطعم تستحق التحية حين قالت له بانكليزية واضحة: (آوت . أنت غير مرغوب بك هنا).
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 174