وائل قيس وائل قيس

حوادث دمشق الثقافيّة نهاية 2008

الرقيب الذي يوحي طوال الوقت بانفتاحه على الآخر، وما إن يصل إلى مرحلة معينة حتى يرفع رايته البيضاء في سبيل منعه للانحلال الأخلاقي الذي سيصيب المجتمع، مشاركاً القوى المنسوبة للمجهول، أو التي تكون متمركزة فيما وراء الطبيعة، والتي تظهر بعد الرقيب لتعلن وقوفها إلى جانبه في محاولة منع الحداثة من التسلل إلى مجتمعنا، واقفين سداً منيعاً في وجه الغاوين الذين يحاولون تعكير ثقافتنا الصافية!!

 هذه القوى سرعان ما تنكشف على المحك، ويظهر انغلاقها على ذاتها وعودتها إلى ثقافة البداوة المتصحرة، متذكرة فضائل الشيوخ الأوائل، لاعنة حركة الإبداع الأولى في التاريخ، ولاشك في أن ما حصل في ملحق تشرين الثقافي في العدد رقم «75» مع الروائي والصحافيّ السوري خليل صويلح «المحرر المسؤول عن الملحق منذ أسسه»، عندما نشر قصيدة للشاعر قيس مصطفى بعنوان «كلام الغائب على كلام الغائب في أمور الشهقات وما شابه»، مما جعل المسؤولين في الجريدة يسارعون إلى إقرار إقصائه عن الملحق بحجة خدش القصيدة للأخلاق، ومن المعروف أن عالمنا العربي مازال يعاني من أثار الحركات التكفيرية التي ما أن تقرأ نصّاً ما، حتى تسارع إلى تكفير صاحبه وإعلان الحد عليه والأمثلة كثيرة: حلمي سلام، رامي يحيى.. دون أن تكون للنص أية حصانة، فهو الحلقة الأضعف على الدوام، وهنا سيكون القارئ هو الخاسر الوحيد في بحثه عن نص حداثي خارج عن المألوف في ظل ثقافة واحدة تكرر نفسها باستمرار. وعلينا أن نشير إلى المستويات المتفاوتة في التحليل النقدي للنص من قبل المتلقي، إلا أنه في النهاية يظهر من تلك القوى من يقوم بالإقصاء في سبيل إصلاح المجتمع  من الانزلاقات الفكرية. ما زال هناك من يعيش متأثراً بترسبات الماضي وميثولوجياته، هذا التأثير الذي لا يؤدي في النهاية إلا إلى مزيد من الركود والتراجع.

معلومات إضافية

العدد رقم:
385