إحراق الأوراق الثقافية
بما أن هناك توجهاً عاماً نحو التغيير فهو يؤدي إلى ظهور الكثير من التكهنات بين الفترة والأخرى، لا أحد يدري من هو مطلق هذه التكهنات، لكنها تستطيع أن تعمل عمل سيمون أسمر بنفسه، وسيمون أسمر هو أهم متعهد نجوم في لبنان، ويستطيع أن يجعل أي مواطن عادي في لبنان نجماً كبيراً ومهماً في 10 دقائق، أما عن الآلية التي تتبعها التكهنات لخلق هؤلاء النجوم في بلدنا العزيز هي أن يكون أحد العاملين في جريدة ما أو قطاع ثقافي ما جالساً في بيته فيتصل به أحدهم قائلاً له أنه سيعين مديراً مهماً ومسؤولاً في هذا القطاع أو ذاك، وكانتشار النار في الهشيم ينتقل الخبر على الألسن وتبدأ المباركات ترد إلى هاتف المسكين الذي تحول بين ليلة وضحاها إلى مدير أو وزير ، ينتظر التعيين في الوقت الذي تكثر الاتصالات والمدائح التي تشكر من وجود هذا الشخص، يتحول إلى نجم اجتماعي يؤخذ رأيه في جميع القضايا من الاقتصادية إلى شؤون الحب والغرام، وتستمر هذه الحالة فترة طويلة بين أخذ ورد، وفجأة يظهر تكهن آخر في مكان آخر مغاير، فيختفي كل هؤلاء الأشخاص من حول الشخص الذي أحاطت به التنبؤات الفلكية الأولى وينتقل الإهتمام إلى الجديد وهكذا عاش الملك، ملك مبني على الأوهام دقائق معدودة ويستمر الحال على هذا المنوال إلى أن تأتي التسمية الحقيقية للمدير الحقيقي بعد فترة وتفشل جميع التكهنات بعد أن تحترق أوراق العشرات.
مع تقادم الزمن أصبح لهذه التكهنات مفعول عكسي فأصبح الأشخاص الذين تحوم حولهم التكهنات يبدؤون بالبكاء والعويل لأنهم يعرفون أنهم لن يكونوا مرشحين لأي منصب، فقد فهم الكل اللعبة وأصبح الشخص الذي تحيط هذه التكهنات شخصاً منبوذاً، لا أحد يحبه أو يتحدث إليه، وتجد الآن الكثير من الأشخاص الذين يتمنون ألا يظهر حولهم أي تكهن لأنهم يريدون أن يكونوا أشخاصاً عاديين، لانجوماً كنجوم سيمون أسمر الذين يحترقون بعد أيام من سطوعهم