أنا أدافع عن ابتسامتي
في النصف الأول من القرن العشرين، حيث تسارعت الأحداث العاصفة في حياة البشرية، لمع نجم كبار شخصيات السينما والشعر والمسرح والدراما والرواية، مثل فيديريكو غارسيا لوركا الإسباني، وبيير باولو بازوليني الإيطالي، وبرتولد بريخت الألماني، وبابلو نيرودا التشيلي، وناظم حكمت التركي، وجوزيه ساراماغو البرتغالي، وآكيرا كوروساوا الياباني، ولويس آراغون، وثيوآنجلو بولوس اليوناني، ويوليوس فوتشيك التشيكي، لودميل ستايكوف غيرهم.
هؤلاء الكبار، كانوا أبناء المدرسة الواقعية الاشتراكية في حقول الفن والإبداع المختلفة، وباتوا جزءاً من الذاكرة الجمعية للبشرية، حيث ترجمت أعمالهم إلى اللغات الحية جميعها، وقدمت على أهم المنابر العالمية، ليشكلوا معاً ظاهرة تاريخية ثقافية، تعتبر امتداداً للوعي الإنساني الجديد.
من أجل الفرح نموت
فيديريكو غارسيا لوركا 1898-1936 هو واحد من أعظم الأسماء في الشعر الإسباني المعاصر، فقد تحول إلى أسطورة بعد اغتياله التراجيدي مع بداية الحرب الأهلية الإسبانية.
ظهرت إبداعاته مع الفرقة المسرحية الجامعية التي أسسها عام 1919، وأبدع أسلوباً جديداً في الشعر الشعبي عام 1928 من خلال قصائده: «قصائد الأغنية المعلقة، الديوان الغجري» المتأثرة بالغناء الأندلسي القديم وهو ما ميزه عن غيره، اغتيل على يد الفاشيين قرب غرناطة عام 1936 تاركاً أعمالاً في المسرح الهزلي والتراجيدي والدراما والشعر.
سألوه مرة: لماذا تمارس السياسة؟ أجاب: ببساطة أنا أدافع عن ابتسامتي.
قال في قصيدة له:
لقد عشنا من أجل الفرح
ومن أجل الفرح نناضل
ومن أجل الفرح نموت
فلا يرتبط الحزن أبداً باسمنا
المفتون بسحر الشرق
بيير باولو بازوليني
1922 – 1975.
شاعر وصحافي ومخرج سينمائي ورسام، وواحد من كبار المفكرين الإيطاليين في القرن العشرين، ترك آثاراً كثيرة في الشعر والسينما والمسرح والرواية، تميز بأعماله التي تنتقد المجتمع البرجوازي ونمط المعيشة الاستهلاكي الذي ساد إيطاليا بعد الحرب العالمية الثانية.
بدأ بازوليني بكتابة الشعر في عمر السابعة، وألهمته الطبيعة الخلابة لمدينة كاسارسا، وساعدته تنقلاته في توسع قراءاته للأدب والشعر.
بعد فصل الصيف في كاسارسا في عام 1941 نشر بازوليني وبنفقته الخاصة، مجموعة من قصائده الشعرية. وأصبح رئيس تحرير لمجلة الغربال، ولكنه فصل من العمل بعد صراع مع المدير الذي يؤمن بالنظام الفاشي. سافر بازوليني إلى ألمانيا وساعدته هذه الرحلة في اكتشاف حالة الثقافة الإيطالية المعارضة في تلك الحقبة. وأدى ذلك إلى إعادة التفكير في رأيه حول السياسة الثقافية الفاشية، والتحول تدريجياً إلى الموقف الشيوعي.
كان بازوليني مفتوناً بسحر الشرق، صور أفلاماً سينمائية كثيرة في سورية واليمن والمغرب. قتل في ظروف غامضة عام 1975.
قال بازوليني ذات مرة منتقداً أسلوب حياة الطبقة الوسطى: ما الذي غير البروليتاريين والذين أدنى منهم وحولهم إلى برجوازيين صغار؟ إنها الثورة الاستهلاكية التي حطمت العالم.
دائرة الطباشير القوقازية
برتولد بريخت 1898 – 1956 شاعر وكاتب ومخرج مسرحي ألماني. يعد من أهم كتاب المسرح في النصف الأول من القرن العشرين. كما أنه من الشعراء البارزين.
هرب من ألمانيا عام 1933 ثم هرب عام 1941 من الدانمارك من القوات الألمانية التي كانت تتوغل في أوروبا، فهرب إلى سانتا مونيكا في كاليفورنيا، وهناك قابل العديد من المهاجرين الألمان الذين فروا من الدولة النازية، التي بدأت تمارس القهر والاغتيالات ضد المعارضين، وتفرض اضطهاداً وتحرق كتب الأدباء التي لا ترضى عنهم. وكانت كتب بريخت من الكتب التي أحرقت.
وهناك في أمريكا لم يكن بريخت راضياً عن الأوضاع الاجتماعية والأخلاقية في أمريكا. وفي عام 1947 حوكم برتولت بريخت في واشنطن، وفي عام 1948 عاد إلى الوطن ألمانيا، ولكن لم يسمح له بدخول ألمانيا الغربية، فذهب إلى ألمانيا الشرقية، حيث تولى هناك في برلين الشرقية إدارة المسرح الألماني. ثم أسس في عام 1949 مسرح (فرقة برلين). وتولى عام 1953 رئاسة نادي القلم الألماني. وحصل عام 1954 على جائزة ستالين للسلام. وقد أثر هذا المسرح على المسرح الألماني في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وظل بريخت يعمل في هذا المسرح حتى وفاته في عام 1956.
من مسرحياته: أيام كوميون باريس، دائرة الطباشير القوقازية، البؤس والخوف في الرايخ الثالث وغيرها.
قال بريخت ذات مرة: لا يستطيع الكتَّاب أن يكتبوا بالسرعة التي تشعل فيها الحكومات الحروب، فالكتابة تحتاج إلى بعض التفكير.
عشرون قصيدة حب
وأغنية يائسة
بابلو نيرودا 1904 – 1973 من أبرز شعراء تشيلي في القرن العشرين، بدأ بالكتابة منذ 1919 بأسماء مستعارة، بعد اندلاع الحرب الأهلية الإسبانية واغتيال لوركا تحدث نيرودا عن هذه الجريمة الكبرى قائلاً في مذكراته: الحرب الإسبانية غيرت في شعري، وقد بدأت بالنسبة لي باختفاء شاعر.
سرعان ما عزل من منصبه كقنصل في مدريد، وأسس حلف تشيلي للدفاع عن الثقافة، انتخب نائباً في البرلمان عام 1945 وانتسب إلى الحزب الشيوعي فصدر أمر باعتقاله، ظهر في الاتحاد السوفييتي في المؤتمر الأول لأنصار السلام.
من أهم دواوينه: النشيد العام، أشعار القبطان، مائة قصيدة حب، عشرون قصيدة حب، وأغنية بائسة وغيرها.
قال نيرودا ذات مرة: أتذكرك مثلما كنت في الخريف الفائت. قبعة رمادية وقلب هادئ. في عينيك تتقد ألسنة الشفق. وتسقط الأوراق في مياه روحك.
مجنون الزا
لويس آراغون 1897-1982، شاعر وروائي ومحرر فرنسي، من أنصار الحزب الشيوعي لمدة طويلة، نشط ضد الحرب الفاشية دفاعاً عن الثقافة، سجن خمس مرات بسبب كتابة قصيدة «الخطوط الأمامية الملتهبة» عمل فترة من الوقت محرراً في صحيفة الأومانيتيه «الإنسانية».
من أعماله في مجال النقد: أحاديث الغناء الجميل، بحث في الأسلوب والثقافة والإنسان، من أجل واقعية اشتراكية. وفي الشعر: نار الفرح، قلب كسير، مجنون إلزا. وفي الرواية: فلاح باريس، المسافرون على عربة امبريال، أجراس مدينة بال.