مختارات من أشعار جوزف حرب بالمحكية
على غلاف أحد دواوينه كتب الناشر الكلمات التالية: «ذاكرة غنية بالميثولوجيا والتاريخ، ولربما في التفاتة الشعر عند حرب إلى الزوايا الخبيئة في الموروث الغني للثقافة الشرقية مع نبرة الاحتفال الشغوف بكل ما هو حميم .. ما يكشف عن روح عارفة وعاشقة ومتوحدة مع ملامح الزمان والمكان في نشيد انتماء صارخ».
جوزف حرب واحد من أنبياء العامية، استطاع أن يخلط الشاعر بالتشكيلي، حتى لم يعد من فرقٍ بين الكتابة والرسم. في قصيدته نكهة صوفيّة، وحرارة وجدانية شرقيّة تجعلها تبدو وكأنها مكتوبة بالدم لا بالحبر..
المشهد الطبيعي الذي يعيد تكوينه يضعنا أمام خالق يجعل الغابة كنيسة، الغيوم رهباناً، الأشجار أجراساً..
«خليك بالبيت»، «إسوارة العروس»، «أسامينا»، «ورقو الأصفر»، «البواب»، «حبيتك تنسيت النوم» وسواها الكثير مما غنته فيروز.. هي جزء من عوالم شعرية شديدة الخصوصية.
يذكر أنه ولد في الناقورة عام 1944، عمل في إعداد برامج للإذاعة والتلفزيون، وترأس اتحاد الكتاب اللبنانيين.
من ديوان «مقصّ الحبر»
جِسْمِكْ
جسْمِكْ، لا ساعدني الرسم تا صوّرو،
ولا الشعر حتّى إكتبو فوق الورقْ.
جسمِك متل سَيف
وْعَ رقبة محبرا ولوحا مرَقْ،
وأبيض بيدوّخ
متل كاسات العرقْ..
مريض
بيت
بابو ليل، وحجارو غُربْ
وشقوق حيطو
راتِيَّا بخيطان عشبْ..
وبزاوية سطحو المحنِي،
وعم يميل،
برميلْ
مهري إلو قسطل
بلون الفيّْ
وبعدا عم تنقّط
بقلبو الميّْ..
بيت
مرمي بالسهلْ
وحولو شجر يابس
كانو أهلْ
ونايم ع فرشة قشّْ
ومعلّق مصلْ..
من ديوان «سنونو تحت شمسية بنفسج»
كلاب
الْ بيكتّر الكلاب
ليحمي قطيعو
من جوع الديابْ
راح يدبح قطيعهْ
ليطعمي الكلابْ..
إذا
إذا بدي شوفكْ
خلّيني حِبّكْ..
إذا بدي حبكْ
خلّيني إشتقلكْ..
إذا بدي إشتقلكْ
خليني إنطُر..
إذا بدي إنطر
ما فيكي تضلّي..
فلّي..
راجع
طفل قاطع تذكرة
خصلة حبقْ
وجايب لإختو خاتم من اللوز
وسوارة وحلق
وراجع
بطيّارة ورق.
من ديوان «طالع ع بالي فل»
وقت
لمّا
بطلّع بالشجر
بعرف من التلويحْ
قديش هالساعة
بإيد الريحْ..
شهر أيلول
وقت اللي بتفلّي
وبتغيّم ببيتي.
مَ بقولْ:
قلّيتي..
بقولْ:
جايي
شهر أيلول..
دون كيشوت
يا دون كيشوتْ
يا نبيل،
وشاعرْ، ومجنونْ
صرخ الشرف:
بدي الحرّيي..
صرخت الحريّي:
بدي الشرف..
يا
دون كيشوت
الفارسْ،
المهزومْ،
حْروق الكتب، ونْزال عن صهوة حصانكْ.
ردّ سيفك عن طواحين الهوا،
هَ الأرض بريّي..
لا شرف فيها
ولا
حرّيّي..
من ديوان «زرتِك قصب.. فلّيت ناي»
نهار
في بنت اسما «نهار»
أجمل من أميرة
تيابها
من خزانة حكايي..
وزرقا كأنو لون وج السوسني
الطالع من مرايي..
بعد ما نشّف غسيلا الهوا،
وقفت ع طاولة الكوي،
قدامها الغيم مناديل مجعلكي،
وبإيدها ه الشمس
مكوايِي..
مكاتيب
بتقول العنين:
من
يوم الل منخلق
ليوم الْ منغيبْ..
الله باعت معنا ع الأرض
مش إيدينْ
باعت مكاتيبْ..
بعدا طيبة
وقت الل ماتت كان تمّا
بذكرو مفتوحْ
متل الل بدي طعميا
حبة كرز..
وبعاد عن بعضن شوي
جفونها
متل
الل
بدا
تنام..
وإيدا،
صبيعا كتير
مطويين
متل
الل
فيهن
كان عكازي.
وإيدا
التانِي
متكي
إصبع
على
إصبع
متل
الل بينن
بعد
هاك
المسبحة.
بوّست وجا
وإيديا
ومن كتر خوفي
تشوف إمي
كيف عم ببكي عليّا
غمّضت عينيا..