ماذا تقول يا صاحبي (صح....مثل ما قلت !!)

● هل لي أن أعرف ما في جعبتك لزاويتك هذا اليوم؟
- هما أمران اثنان لا أكثر ولا أقل... وسأدخل فيهما مباشرة دون إذن   ولا دستور! الأمر الأول هو: ما الذي يجعل (الجميع)، ولا أقول يتردد بل يحجم عن التصريح  به إذا سئل عنه؟ مع أن الجميع يعرفه!! والدليل الساطع على ذلك تلمسه «كما يقال» لمس اليد،

فعندما يشكو أحدنا سوء الحال وصعوبة العيش، وتسأله: من المسؤول عن هذه المعاناة؟ يجيبك فورا: الفاسدون الناهبون جهد الناس ولقمتهم! وإن كان لا بد له أن يتابع كلامه، فإنه يكتفي بقوله:  إنهم أصحاب النعمة المتورمة مزارع وأطيانا وعقارات وأموالا لا تأكلها النيران!!  وإذا طلبت منه أن يذكر بعض أسمائهم تلجلجت الكلمات على لسانه، وتهرب صراحة من الإجابة!!
● فهمنا هذا الـ «أولاً»، فما هو يا ترى الـ «ثانياً»؟
- ثانيا هو ما تسمعه يوميا على ألسنة المتحدثين باسم الحكومة والفريق الاقتصادي العتيد في دوامة من التصريحات التي تداهمنا  (رشّا وليس دراكاً) من مثل: لحظت الخطة الخمسية العاشرة استثمارات بقيمة 1700 مليار ليرة للوصول إلى نسبة نمو تتراوح ما بين7- 8% وهذا سينعكس رخاء على كافة المواطنين، أو من مثل: إن المناخ الاستثماري شهد تطورا واضحا من خلال تبني الحكومة برنامجا للإصلاح الاقتصادي والانطلاق نحو اقتصاد السوق (الاجتماعي) وقد انعكس ذلك على تطور واقع الاستثمار وتنامي حجمه منذ بداية العام الحالي!! و... و... وكثيرة هي الأقوال الرنانة الطنانة المشابهة..!! وحين تسال الناس، كل الناس المحيطين بك مستوضحا عن انعكاس تلك الأقوال على واقع حالهم، تأتيك إجاباتهم بسرعة البرق: نعم انعكست فعلا ولكن نحو الأسوأ،    وكما تعلم أنت ويعلم  المتابعون، فالمحك الأساسي لتقييم ما يجري ومعرفة انعكاساته هو إدراك الواقع المعاش صدقا وحقا، ولا شيء غيره.
● أوافقك الرأي وأضيف أن الذين يحاولون تسويق ما يريدونه هم، أو ما يراد منهم تسويقه للتعمية على الوقائع التي يعرفها القاصي والداني يمكن تصنيفهم في زمرتين: الأولى زمرة أصحاب المصلحة في استمرار النهب والشفط (متسترين) خلف يافطة اقتصادهم المنعّم وبصورته المزركشة الخلابة (حيث لا غلاء يكوي ولا بطالة مستفحلة ولا أية منغصات تقض مضاجع الجماهير الفقيرة ذات الدخول المعدومة). والزمرة الثانية وتشمل الذين وضعتهم مراكزهم أمام قبول ما يحمل لهم من (توجّهات) ليبرروها لعامة الناس المتعبين اللاهثين وراء لقمة العيش الشريف لعلهم يقتنعون أو على الأقل - كما هو مطلوب - يقرون بها على مضض.
- ما تقوله يذكرني بقصة ذاك الذي سافر للعمل في أفريقية مصطحبا زوجته الشقراء الجميلة، وبعد شهور معدودة ظهرت علامات الحمل على الزوجة، وحين حلت ساعة الولادة فوجئ الزوج المسكين ذو الوجه الأبيض بمولود زنجي، فبادر مرتبكا بسؤال حرمه المصون تفسيرا لما يراه، وجاءه الجواب: يا زوجي العزيز تفسير ذلك بسيط جدا .. فأنت تعرف أنني عندما (حملت) اعتدت أن أجلس قرب النافذة لأتسلى برؤية العابرين قرب بيتنا، وكانوا جميعهم من الزنوج، ولا شك أنني قد (توحّمت )على أحدهم وكان أن وضعت هذا الولد الزنجي!!  والمستهجن يا صاحبي أن الزوج (تقبّل) التفسير، والأنكى الأدهى أنه صار بعد ذلك يعتبر ما جرى إنجازا يتباهى به!! وعندما عاد إلى بلده، وانهمرت عليه الأسئلة وخاصة من والدته، أجاب بمثل ما أجابت زوجته مع شيء من التذويقات المنافقة المدانة المكشوفة، مما جعل الأم المصدومة  تطرق برأسها برهة - وقد كادت تفقد صوابها - ثم ترفعه لتقول بحرقة قاتلة: صحيح ...صحيح، فأنا أيام حملت بك كنت أجلس  حينها أمام الدار، أراقب الدواب التي تحمل القمح إلى الطاحونة فأرى حمارا ذاهبا وآخر مقبلاً، وكان – لا شك- أن (توحّمت) على واحد منها!!
فماذا تقول يا صاحبي؟