ثقافة الكرد أول فيلم سينمائي.. أول رواية.. أول صحيفة..
من يتعمق في ثقافات الشرق بامتدادها الزمني الطويل سيكتشف أن معظم تراث شعوب هذه المنطقة يتمحور حول فكرة «الخلاص» بسبب عوامل تاريخية متراكمة، ولهذه الفكرة أمثلة واضحة في التراث السرياني، والعربي، والأرمني، والكردي وغيره.
يحدد بعض الدارسين بدايات القرن الماضي بداية نهضة ثقافية كردية، حَمَتْ هذه الثقافة، رغم تعقيدات الأحداث السياسية، حيث ظهر في تلك الفترة، الفيلم السينمائي الأول، والرواية الأولى، والصحيفة الأولى، وكتب التربية والتعليم الأولى، وكتاب حقوق المرأة الأول، والكتب العلمية الأولى، والعمل الإذاعي والمسرحي المحترف، إنه ذلك التراث الذي يعود إلى حقبة تعتبر نقطة علام في تاريخ الثقافة الكردية رغم التجاهل المتعمد لبعض المؤسسات الثقافية الرسمية الكردية لهذا التاريخ، ولجوئها إلى التحريف أحياناً.
السينما الكردية
فيلم بالأبيض والأسود من إخراج حمو بيكنازاريان عام 1926 ويحكي قصة صراع غير متكافئ بين الرّحل الأكراد الفقراء مع المسؤولين والآغوات في القفقاس قبيل ثورة أكتوبر.
ذكر إيسكوستوف في كتابه «ذكريات الممثلين ومخرجي السينما»، أن فيلم «زري» والمأخوذ عن قصة حب تسمى «قدر زري» المنتشرة على ألسنة سكان جبال آلاغوز، والذي يصور حياتهم، هو من أشهر أفلام بيكنازاريان على النطاق العالمي. شارك في التمثيل500 ممثلٍ وفنانٍ في أرمينيا.
الرواية
أول عمل روائي باللغة الكردية من تأليف عرب شاميلوف عام 1931 الذي لعب دوراً كبيراً في أحداث ثورة أكتوبر والحرب الأهلية في القفقاس وقاد بنفسه الصراع ضد الإقطاعيين وتأسيس السوفييتات بين الرّحل في جبال آلاغوز. تحكي رواية «الراعي الكردي» وتصور التغييرات التي جرت في حياة الرّحل وتأسيس النظام السوفييتي في أرمينيا والتي هي قصة حياة الكاتب عرب شاميلوف نفسه. ترجمت الرواية إلى لغات عدة منها الروسية والتركية والفرنسية وغيرها.
ريا تازه «الطريق الجديد»
أول صحيفة تصدر بالأبجدية اللاتينية عام 1930 وما زالت تصدر حتى اليوم، وكان يشرف على إصدارها عرب شاميلوف بصفته عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الأرميني ومكلفاً للعمل في قضايا القوميات.
التعليم باللغة الأم
نشط التعليم باللغة الأم بين عامي 1925 – 1940، وجرى وضع الأبجدية الكردية اللاتينية الأولى، وصدرت كتب الأطفال الأولى عام 1936 وكتب الرياضيات والفيزياء عام 1932 وما يرافق ذلك من وضع الرموز الرياضية والفيزيائية باللغة الكردية وأول كتاب عن حقوق المرأة عام 1934
المسرح والإذاعة
ظهر المسرح الكردي في الاتحاد السوفييتي بسبب رعاية الدولة، وعرضت أول مسرحية منتصف الثلاثينات عن حياة العمال ودورهم في المجتمع، ونشط المسرح عشية الحرب العالمية الثانية وبثت العديد من العروض عبر راديو موسكو منذ 1941.
بدأ أول عمل إذاعي محترف في راديو يريفان، وكانت الإذاعة تبث برامج باللغة الكردية منذ عام 1925 على الرغم من وجود تجارب مماثلة في بلدان أخرى من قبل، بسبب الخبرة في مجال الإنتاج الثقافي وفي اللغة، بما في ذلك البرامج الإذاعية الثقافية ومسرح الراديو وتسجيل الأغاني الأولى للفنانة ليلى خان، بدأ العمل في الإذاعة كأداة للدعاية للحزب الشيوعي الذي كان نشطاً في العديد من المناطق بهذا الخصوص.
أثر لا يمحى
وبناء عليه، يمكن القول أن ثورة أكتوبر فتحت صفحة جديدة فيما يتعلق بثقافة الشعب الكردي، ووفقاً للمؤرخ السوفييتي فاسيلي نيكيتين فقد عاش الأكراد في الحقبة السوفييتية في «عصر نهضة»، وذلك من خلال الإنتاج الثقافي والعلمي الغزير الذي بدأ منذ العشرينيات.