تحف «الإيبش» بين الإهمال الوطني والإعجاب العالمي

حسين الإيبش هو صياد دمشقي جاب أفريقيا والهند بين عامي 1870 -  1926، وكانت نتيجة رحلاته مجموعة كبيرة من الحيوانات المحنطة يزيد عددها عن 1200 قطعة، وتضم أهم حيوانات أفريقيا والهند (زرافات- نمور- أسود- فيلة... الخ).

وقد كان الإيبش واعياً بقيمة مجموعته من الناحية العلمية، مما دفعه إلى التفكير بإقامة متحف للعلوم في كل من دمشق والقاهرة بالتعاون مع المفكر النهضوي المصري يوسف كمال، إلا أن هذا الحلم لم يتحقق إلا بعد وفاته بسنوات طويلة، بعد أن خصصت وزارة التربية قسماً من مدرسة «عبد القادر ارناؤوط» في حي التجارة لإقامة هذا المتحف، تحت اسم «المتحف المدرسي للعلوم».

ويضم المتحف إضافة لمجموعة الإيبش وسائل إيضاح علمية قديمة تم جمعها من مدارس دمشق، وخاصة ثانوية «جودة الهاشمي».

«قاسيون» زارت المتحف والتقت مجموعة من المشرفين عليه:

  الأستاذ موفق مخول المشرف العام على المتحف والموجه لدى تربية دمشق: «هناك فرق واضح وشاسع بين الزيارة الأولى التي قامت بها قاسيون عندما تم افتتاح المتحف، وبين ما هو عليه الآن، فنحن عملنا بروح الفريق الواحد لتلافي كل الثغرات التي تناولتها جريدة قاسيون في مقالها السابق، والفكرة التي بدأت بحسين الإيبش تتطور باستمرار، فهناك نية لتطوير المتحف بحيث لا يقتصر على مجموعة الإيبش التي تحتل طابقاً كاملاً من طوابقه، بل  يصبح معرضاً متجدداً للأدوات والآلات الأثرية التي بدأت تنقرض».

وأكد مخول أن فريق العمل وبالتعاون مع وزارة التربية استطاع جمع لوحات وملفات ووثائق يعود تاريخها إلى عام 1916 كانت مهملة في مستودعات بعض الثانويات الدمشقية وبالأخص جودت الهاشمي .

وفي رده على سؤالنا حول تعامل الوزارات والمؤسسات الرسمية مع المتحف قال مخول: «علاقتنا مع الوزارات ضعيفة جداً، وخاصة وزارة السياحة التي يفترض بها أن تكون أول المهتمين بالموضوع، ووزارة التربية هي الجهة الرسمية الوحيدة التي تساعدنا»

الآنسة هفاف مقدسي الإدارية في المتحف قالت: «لقد زارنا مستشرقون أوروبيون وأكاديميون متخصصون من الجامعات السورية، وأبدوا إعجاباً منقطع النظير بالمتحف وموجوداته، وأكدوا أن بإمكاننا المشاركة في المعارض والمتاحف العالمية بأنواع معينة مما نعرضه».

أما عمر الإيبش حفيد حسين الايبش فقد قال: «لقد تحقق حلم العائلة ووصية المرحوم حسين الإيبش أخيراً، والشكر يعود لوزير التربية ومدير التربية والمشرف العام، ولجميع الكادر الإداري، وكل من ساهم بتأسيس هذا المتحف، بعد أن لاقت المحنطات ما لاقته من ضرر في المستودعات، وندعو الجمعيات الأهلية إلى مساعدة الكادر المشرف على المتحف من أجل تطويره».

المتحف في حلته الجديدة وبعد التحسينات التي أدخلت عليه، جهد جبار يرقى إلى مستوى هذا الكنز الوطني، وهو ما يضعنا أمام تساؤلات أهمها لماذا لم تحرك وزارة الداخلية حتى الآن ساكناً لتعيين حراس للمتحف من رجال الشرطة أسوة ببقية المتاحف؟ إذ أن من يقوم على حراسته مجموعة من المتطوعين. ولماذا تبدي جهاتنا الرسمية كل هذا التقصير والتعامي عن متحف بهذه القيمة أذهل الغرب ولكنه على ما يبدو لم يستطع  إقناع مسؤولينا.

ونرجو في الختام أن لا تجهض البيروقراطية والروتين المتفشيان في مؤسساتنا الرسمية ذلك الحلم الجميل الذي راود حسين الإيبش في يوم من الأيام.