احتفالية القدس.. لن يُغلق باب مدينتنا

 وكل ما تسلّط وسائل الإعلام العربية عليه الضوء حالياً هو: مكوكيّة حركات المبعوث (ميتشل)، ومن معه من حمائم السلام، إضافة إلى نقل ما نشهده من انقسام البيت الفلسطيني على ذاته، لتتعدد البيوت، فهذا بيت فتحاوي، وهذا بيت حمساوي، وآخر لسرايا القدس، وآخر للجبهة الشعبية، وآخر وآخـر... وتناثرت البيوت كحبوب سنبلة ستملأ الوادي.. مقاصل (!). لكل هلال وصليب في (قدسنا) مقصلة تشهد على تفريط (قيافا – القادة الفلسطينيون)، و(إفراط بيلاطس- الصهاينة)، فيجتمعون لدقّ آخر المسامير في نعش القضية... يسلّط الإعلام الضوء على نتائج مؤتمر فتح الذي أنتج سلطة خاملة ميتة في جدثها، مبرمجة لتتعايش مع المشروع الصهيوني كـأمر واقع، ولتترك المقاومة معلّقة من عرقوبها.  يسلط الإعلام الضوء حالياً على سلّة رمضان الدرامية الدسمة، لنسمع ردح (أم عصام) في وجه الفرنساوي، وصراخ (أم جوزيف) التي لم نعرف حتى الآن سوى أنها على سنّ ورمح، مع تغييب واع لصرخات أمهات (فارس عودة) و(سارة عبد الحق) و(غادة شيخ العيد) و( محمد الدرة)، وصرخة الغالية (هدى غالية) محاولةً أن توقظ فينا شعور الاهتزاز، بعد إدمان مشاهد الدماء والأشلاء، ومشاهد (الرصاص المسكوب).

إن من يتصفّح الشبكة العنكبوتية يدرك مدى تنوع وغنى فعاليات احتفالية القدس، داخل الأراضي المحتلة، ومنها ما هو عالمي ويليق بالقدس عروس العواصم، إضافة لتنوع الفعاليات في البلدان العربية، إلا أن هذه الفعاليات مغيّبة – وعمداً- عن شاشات التلفزة، وحتى التلفزيون السوري الذي يعد من قامات الإعلام المقاوم، لم يكن متميزاً بالشيء الكثير عن باقي الجسم الإعلامي العربي، فنراه يعرض إعلان الاحتفالية في فترات متقطّعة، وهذا ما لم نره على أية شاشة عربية، ورغم وجود عشرات المراسلين لوسائل الإعلام العربي في الأراضي المحتلة، إلا أنها مسخّرة لتصوير الحروب والمجازر، لتبقى صورة فلسطين هي صورة الجثث واللحم المتطاير (ولاحظ ! مع إسقاط صورة المقاومة)، وإسقاط صور الفرح الصغيرة المبعثرة هنا وهناك داخل الضفة والقطاع، والتي تمثل إرادة الحياة  لدى هذا الشعب. لم نعرف فلسطين جغرافياً وطبيعياً إلا من خلال الصور التي تنشرها مواقع الإنترنت، والتي ترينا روائع طبيعية في هذه الأرض المقدسة، بالرغم من كل ما يعيثه التهويد فيها من دنس وفساد، فأين الإعلام العربي من هذه الصور ؟!.

إن احتفالية القدس هذا العام، ليست كعاصمة للثقافة وحسب، بل كعاصمة لنا، هي ليست حدثاً عابراً، أو خبراً عاجلاً في الشريط الدوار، بل ربما تكون الفرصة الوحيدة لكي يثبت فيها الإعلام العربي وفاءه الصادق لقضية القدس، وربما تكون فرصتنا النادرة لكي نثبت للقدس أنها (قدسنا) وهي المركز والقلب، ولن تصبح في يوم ما في عداد المدن المنسية، وأننا لن نقيم بيننا وبينها جداراً فاصلاً يجعل باب مدينتنا يغلق في وجه صلاتنا... يغلق في وجوهنا إلى الأبد