وصفة يوسا وروشتا ماركيز
عشرات الكتب وضعت لتجيب على هذا السؤال: كيف يمكن أن نكتب رواية؟ فمن خبرة غابرييل جارسيا ماركيز إلى رسائل ماريو برغاس يوسا؛ مرورا بشروحات كلن ولسن وميلان كونديرا وغيرهما، ممن قدم كشوفات وتجارب عالمية في تقنيات كتابة الرواية؛
عبورا إلى معاجم نقد الرواية ومفاهيمها التشريحية المفسدة أحيانا للقراءة، كالتبئير بمستوياته والتكثيف والاستباق والمنولوج الداخلي.. إلخ؛ وصولاً إلى نظريات وتيارات الرواية منذ العصر الكلاسيكي حتى الرومانسي «مدام بوفاري» في وثبة نحو الواقعية، عبر كل صورها المتشعبة، شرقاً «ديستويوفكسي» وغرباً «بلزاك» وعبوراً إلى قلق تيار الوعي في تأنّ وأناقة «فرجينيا وولف» وعمق «جويس» انتهاءً عند سخرية آلان روب غريه، من كل ما سبق عبر «الرواية الجديدة» القائمة هل تهشيم السرد وقتل المتعة بل وأحيانا قتل أهم أسس النص نفسه.
حسنا، بعد معرفة وقراءة كل هذه الأعمال وأكثر، هل يمكن أن نكتب نصاً أدبياً ينتمي إلى فن الرواية؟ الإجابة تأتي فقط بنعم، في حال تعاملنا مع رسائل يوسا وماركيز على أنها روشتتات جاهزة لكتابة عمل روائي ناجز؛ واعتقدنا أننا بقراءة «معلقات الرواية العالمية» سنتحول إلى روائيين سحرة.
لا يا سادة؛ أبدًا لا يحدث هذا؛ إذ أن الرواية قبل أي شيء، هي فن تذويب التجربة الإنسانية في النص؛ وهي إصغاءٌ لحياة الكاتب ولتجاربه وخيباته.. قبل أن تكون استسلاما لكلماته وبلاغة عباراته. هكذا نقرأ (محمد شكري) وهكذا نستمتع بروايات علي بدر بين خنادق الحروب وحتى ظلمات القارة السوداء. الرواية فن الحركة الدؤوبة إذاً، والكشف والتزود بحكايات قد لا «ترى» إلا ورقيا؛ يرويها مجربٌ خَبر الحياة وليست وريقاتُ مراهق مترف قرر الكتابةَ، دونَ حاجة الرجوع أصلًا، إلى وصفة يوسا أو حتى روشتا ماركيز...!