ربّما! الحبُّ في إجازة
أسوأ ما في عيد الفالنتاين أنّ الجميع يتذكّرون، على حين غرّة، شيئاً من مخلفات الماضي، لعلّ اسمه، إن لم تخن الذاكرة، الحبُّ!
فجأة، تبدأ الأفواه بعصر الكلمات، التي باتت جافّة من كثرة الاستعمال في هكذا مناسبات، دون أن يتحسّس أحدٌ ألمها، لكنّها، وفيما يقوّلونها تلك العواطف المزيّفة، توقعهم في المكيدة بإيصالها أنين عظامها المكسّرة كالحطب.
هم، لا يسألون: لماذا الحب بعيدٌ، ناءٍ؟ هم تخلّوا عن لماذا، في جملة الأشياء التي تخلّوا عنها. ولأنهم يتخلّون، ولا يسألون.. ينسحب الحبّ من حياتنا كمن يعلن إضراباً، إذ كيف له أن يكون وقد أجّرنا فضاءه للكراهيّة؟ وكيف له أن يكون ولم يعد هناك من يغشى عليه بسبب عبارةٍ أو أغنيةٍ؟ وكيف يحضر الاحتفال، وهو خير من يعرف، أنّنا معطّلون تماماً كآلات يتعذّر إصلاحها، علاوةً على أنّ سوق العولمة أعجز من أن ينتج قطع غيار كالقلوب أو الابتسامات مثلاً؟
أسوأ ما في هذه المناسبة السعيدة أنّنا نعرف جيداً أن حبّنا غادر، في موكب هجرة، دون وداع، ولم يعد يبعث أيّة رسائل، لكنّنا لا نكد نعلن، وبالصفاقة اللازمة لحفظ كرامتنا الذّبيحة، أنّه بخيرٍ وأموره على ما يرام..
الحبّ في إجازةٍ لا نعلم ماهيّتها، ووحدَهُ اليأس ما يزال على نشاطه في مزاولة عمله كمراقب دوام نزيهٍ.
وبخصوص ذلك الأرعن الصّغير، الغائب بلا سبب، فمن الأفضل لنا اتخاذ الإجراءات اللازمة، ورفع مذكّرة بحثٍ بحقّه، تحديداً في مثل هذه المناسبة بدل التقنّع بمديحه.
■ رائد وحش