مختارات حكم غيابي
أخيراً برّت بوعدها، وزارته في غرفته، كانت ترفل بثياب أنيقة ومثيرة، وتلتف بغمامة عطر يدغدغ المشاعر ويهيج الحواس، عيناه التهمتاها، جوعه المزمن صورها كإحدى ربات العشق والجمال، شبقه الغائر احتضنها، قال في نفسه: " آن لكَ أن ترطّب جفاف أيامك، وتدفِّئ صقيع حياتك".
وحش حرمانه الدفين انتفض من عقاله، يصهل كحصان جامح، فاقتحم أسوار بستان رحب يتوهج بمختلف الثمار اليانعة، وراح يتنقل بينها باندفاع: " هذه لذيذة، بل الأحرى ألذ منها وأكثر جذباً..".
أنفاسه تلاحقت باللهاث، زادته التحاماً بجني الثمار.. وحلق يسبح بين غيوم اللذة العارمة التي أسكرته، ثم حط باسترخاء وهمد.
أحس بيديه تحتضنان اللحاف بقوة، وفمه المبلول ملتحم بطرف منه، لا يستطيع عنه انفكاكاً، وعاد إلى النوم من جديد، نابذاً وساخراً من أمنياته الوردية العاجية التي خنقتها شروط ومصاعب الحياة في بناء عش زوجية مستقر..