ربما رسالة في صندوق بريد أيّار
غامضٌ جدّاً، وكثيف المعاني جداً، أنتَ الآن يا أيار، الكلّ يتأتئون في قراءتك، وما من أحد يظفر بجملةٍ مفيدة.
ما مشكلتك؟ هل خاصمتكَ الحبيبة، وككلّ المهجورين، عكستَ مزاجكَ على أهل هذه البقعة المنهكة من انعكاس الأمزجة؟ أم أنّك تعلنها غضبة الابن الخامس ضدّ أمّك السنةِ، القاصرةِ حنانها على اثنين من دزينة أولادها، البكرِ وخاتمِ العنقود: الكانونين.. تنتزع المكانة المشتهاة من إشعال فتنة الإخوة الأعداء؟ أم تراك مصابٌ بالضّجر وتفعل ما تظنّه جالباً للهو والتسلية؟ أم بالغتَ، في الفترة الأخيرة، في الإفراط بالشّراب؟
ما نراه.. لا مشكلة، إنّما أنت الإشكال نفسه.
الناس يرمونك بالخطيئة، بشائنة، بنوعٍ من الجنايات التي تقود فاعلها إلى استفاف التراب ندماً، بغيةَ إمطار الوحول، في عمليةٍ تبكيتٍ عقيمة، لا طائل منها بتاتاً، في نشدان الغفران.
وثمّة من يقول إنّ ميلاً فيكَ إلى جعل العالم عقباً على رأس، بات يحرّضك على تمرينِ قواك، واختبارها، قبل تنفيذ عهد قديم قطعته أمام نفسك.
وثمّة من يرى إلى هذه القلقلة لهواً بلهو، لشخص متهتك، لم يعد يسلّيه أقلُّ من هدم العالم على رؤوس ساكنيه..ويالك من طاغية!
لا نفهمك كما ينبغي، لكنك، وبكلّ تأكيدٍ، تفهم عمق ما نصبو، فتقدّم المفاجأة مطراً، وتغسل ما لم يعد قابلاً للغسيل، لغايتين متناقضتين، نفي المستحيل من جهة، وتأكيد أنّنا، في هذه الألفية العمياء، ما نزال بحاجة إلى أسطورة وأكثر..
اعصفْ..
طهّرنا، فالقذارة، وقد أخذت شكلها النهائي، صارت تفصح عن شخصية متماسكة، ليس من الهيّن الإطاحة بها.
اعصفْ أكثر.. نفهمك أكثر..
تقول صبيةُ ساخرة، وهي تقف على الشرفة مستمتعةً ببروقك المضيئة كألعابٍ نارية: أيار يلتقط صوراً لي.. فتبتسم.
في وضع هذه البنت العابثة، فقط، نجد تأويلك..
■ رائد وحش
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
