ربّما! انمساخ التلقي
ما الذي يرفع التلقي إلى المستوى الموازي للإبداع؟ هذا السؤال هين، أما إجابته، أو إجاباته بالأحرى.. فشقيّة
المشكلة التي تقاسيها النتاجات الفنية، بكل أنواعها، هي رزوحها تحت مظالم يرتكبها متلقون انعدمت لديهم الفاعلية، مما أنجز قطيعة معلنة، لتصبح تلك النتاجات (شعراً، رواية، تشكيلاً...) أسيرة عزلة كالحة، جعلت أصحابها يفكرون ملياً، أنهم لم يفعلوا شيئاً، وكأن ما أنجزوه مجرد حلم سريع وعابر.
أناس كثر يصفون قصيدة ما لشاعر من الشعراء، بأنها قصيدة رمزية تقوم على غموض عسير وإبهام مطبق، علماً أن الرمزية تم تجاوزها، بالتوازي مع تغيرات اجتماعية كبرى، بحيث لم يعد هناك ما هو رمزي بنسبة مائة بالمائة، كما في مرحلة معروفة من تاريخ الأدب، بل صارت تجليات بالإمكان ملامستها، دون أن تكون بالصفاء القديم ذاته الذي يجعلها قابلة للتصنيف، بين كل الأسباب التي نتجت عنها وضاعة التلقي، تتصدر مشكلة التدريس رأس القائمة، خاصة في مرحلة التأسيس الذوقي- الجمالي والمقصود المرحلة الثانوية، ففيها تعتمد آليات تصنيف وفرز جائرة، تكرس أنماطاً كتابية بعينها، على أنها عصر ذهبي. أما في المرحلة الجامعية، وبالأخص في أقسام كلية الآداب (اللغات العربية والانكليزية والفرنسية)، فالحاصل هو تأبين المخيلة، وتصنيم اللغة قسرياً، كأن يقرر أستاذ جامعيّ على الطلاب قراءة، لا تستطيع نعتها بغير: المعطوبة، حين يرى (الأستاذ) إلى الجملة التالية لأدو نيس :(نمتُ في جوف تفاحة) بأن الشاعر يريد أن يتحول إلى دودة فاكهة، ماسحاً الأرض بالحالة والصورة والتوتر اللغوي. رغم أن هذه القراءة محتملة، بالنظر إلى انفتاح النص، ومثله العمل الفني، على كل الاحتمالات والممكنات، بسبب دينامكية تحرك التلقي،لكن خزياً معنوياً سيلاحق هكذا طريقة في التشويه.
يا لها من نهاية مؤسيّة حقاً! هذه التي تفتت جهداً إنسانياً، ومن ثم تقوم بتقطيبه بمخرز وسلك معدني ، كما لو الأمر تصليح لجثث مخردقةٌ، من أجل دفن سريع.
■ رائد وحش
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.