ربّما! إعدام الأرشيف

تأخرت في اللحاق بركب التكنولوجيا، مع أنني محسوب على الجيل الجديد. ومنذ شهور قليلة فقط، قيد لي دخول عالم الإنترنت، بعد تردد حسمه الاضطرار، وعلى وجه التحديد، ما يخص ضرورات العمل الصحفي. وصرت أكتب مباشرة على الكيبورد. وأنا من أولئك الذين يتباهون بجمال خطوطهم، حيث تشكل الكتابة، في جانب كبير منها، متعة في توريق الصحائف، وكأنها حالة تواصل دائمة، مع فكرة الكاتب الوراق. وحول هذه النقطة بالذات، كتبت في رسالة حب: (كيف لتوتر أصابعي أن يتآلف مع برنامج word ؟).

قبل هذا، بسنين، كنت أمارس هواية الأرشفة، ورصيد حياتي منها أكداس من الملاحق والقصاصات والمصنفات والمظاريف. ولكون «الأرشيف» مرتب منظم، أعود إليه قارئاً باحثاً في موضوع معين، لغاية يفرضها العمل.

بين الوقوع في غواية النت، وحمل الحنين، والحنان، لكل ورقة، مهما صغرت، دائماً أرجح المصالحة، وبقاء كليهما حياً، ويشاركني أوكسجيني.

بالأمس، حسمت التردد، وحملت «الأرشيف» إلى حاوية الزبالة، ورميته بجرأة، لطالما احتجتها. وفي نظرة الوداع الأخيرة، شاهدت ملحقاً يعود إلى فترة الصف الثاني الثانوي، فاسترجعته، ووقفت أقلبه، مسترجعاً يوم شرائه الممطر. فما تزال آثار الماء على حوافه، بصفرة كمونية قاتمة. حنوت عليه، وفجأة، عدت وألقيته. لا حاجة لي بكل هذا الركام، ففي متناولي كمبيوتر، وخط نت مفتوح، يوفران ملايين المواد في أي موضوع.

أنا الذي ربيت أرشيفي، ذبحته، مع سبق الترصد والإصرار، وليس في النفس ما يشعرني بأنني مجرم.

■ رائد وحش

 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

آخر تعديل على الخميس, 17 تشرين2/نوفمبر 2016 17:41