صفر بالسلوك بس في أمل
الفشل ماركة مسجلة عندنا، فمؤسساتنا فاشلة، والكل يعرف أنها فاشلة، مؤسسة السينما فاشلة، مديرية المسارح فاشلة، مؤسسة الأعلاف فاشلة، ومؤسسات الإعلام أفشل، التلفزيون فاشل، كرة القدم فاشلة، الدوري فاشل، والمنتخب أفشلين، نظام المرور فاشل، شرطة المرور فاشلون.. بل وفاشلة. المستشفيات العامة فاشلة، أما الخاصة، فإن المواطن يفشل في الوصول إليها، الفشل تلك الكلمة العظيمة التي لا يمكننا أن نستغني عنها عندما نريد أن نصف أنفسنا، الفشل هو الماركة المسجلة تبعنا، هو حبيبنا الذي لا نستطيع العيش دونه، ونديمنا في الليالي الطويلة، بل إن فشل المؤسسات العامة جعل معظم أفراد شعبنا من الفاشلين، وأنا شخصياً فاشل معروف، روحوا اسألوا أهلي، دائماً ينظرون إلي شذراً وهم ينعتونني بالفاشل، فشلت في كل أنواع الدراسات التي درستها، فشلت في العزف والغناء والتمثيل والآداب وكل ما درسته في حياتي، ولكنني بقيت سعيداً، لأن في هذا إثبات لوطنيتي ولانتمائي لبلادي الحبيبة التي لا تعترف إلا بالفاشلين.
هل التقيتم بشخصية الفاشل في حياتكم؟! أنا متأكد أنكم التقيتم به شخصياً، ففي كل بيت هناك فاشل، في كل حي هناك فاشل، في كل مكان هناك شخصية الفاشل التي تلقي بثقل تراجيديا حياتها على الجلسات والسهرات، دائماً هناك فاشل في أيامنا يحسدنا على نجاحاتنا التافهة، يحسدنا على النجاح الهائل الذي حققناه والراتب العظيم الذي نحصل عليه والذي يحتضر بعد القبض عليه بثلاثة أيام، وينازع في اليوم الرابع، ثم يسقط شهيداً على بلاط الحياة اليومية في اليوم الخامس، يا للنجاحات العظيمة، يا للأبنية الجميلة التي يصممها مهندسونا الناجحون، يا للشوارع الرائعة والأنفاق الأخاذة والجسور المذهلة، يا للمسارح الخطيرة والشواطئ النظيفة، يا للطبيعة الخلابة التي بنى فيها الإنسان الناجح الخدمات الرائعة، يا للأفلام السينمائية العبقرية التي تنتجها المؤسسة العامة للسينما منذ آلاف الأعوام، يا للمسلسلات العظيمة التي نتغنى بها كل يوم في صفحاتنا وكأننا أنتجنا الإلياذة والمهابهاراتا، يا للبساط العظيم، بساط الريح الذي سحبناه من تحت الدراما المصرية، يا للنجوم المتلألئين والمتلألئات، المثقفين والمثقفات، الخارقين والخارقات..
يا الله من نحن في هذا العالم؟
ما الذي لدينا ونسينا أن نقدمه للإنسانية؟
يا للإنسانية التي لن تذكر منا شيئاً، اللهم إلا إذا كان الفشل شيئاً يذكر، ساعتها سنكون أبطال العالم إلى أبد الآبدين.. آمين.
فشيت خلقي . . . بس في أمل . . .