نادي العشاق المرضى على FM
ما إن مددتُ يدي إلى ذالك الراديو العتيق، حتى جاءني أنين فتاة تبكي حبيبها الخؤون، والمذيعة تعزي المراهقة المنكوبة، وتدعوها للصبر.. كان ذلك على أثير إحدى محطات الإذاعة المحلية، والبرنامج يقوم على فكرة بوح المصابين بالنكبات العاطفية، عبر الاتصال بالبرنامج على الهواء مباشرة، ليفشّ كل منهم خلقه وله الوقت الذي يريد مادام خط الهاتف مفتوحاً، ليبكي ويشكو ويستجدي العطف من أناس هم موظفون بأجر، وليسوا أصدقاء أو أطباء نفسيين.
آهات.. وحسرات.. وخيانات.. وقصص مصارع العشاق.. تطول وتمط، بشكل مبالغ فيه، ليكتشف المستمع كم من الحمقى في هذا العالم!
أغلب المتصلين من الفتيات اللواتي يعشن في أسر عائلي قاتل وواقع اجتماعي رديء، حيث يجدن في الاتصال نافذة بوح وحيدة، أو تكون فضاء لإطلاق عنان المخيلة بحثاً عن تعويضات نفسية في واقع مغلق.
مثل هذه البرامج الإذاعية، هي نوع من الاستقتال للمحطات FM لاستقطاب جمهور ما، في حرب التصفية العرقية التي تديرها عليها الفضائيات، ولكون محطات الراديو تعرف أنها حرب خاسرة لا محالة تحاول حرق ما تبقى وراءها من ذوق وقيم جمالية، على الرغم من أن شقيقتها المرئية لا تقصر في ذلك على الإطلاق..