ربّما! فرص الحرية الضائعة
لا نعرف الحرية ولا هي تعرفنا، لذلك نداري جهلنا المريع بها باستعراضات وأقنعة المهرجين، عسى ولعل يمنحنا أحدٌ الشرف بإشارة صغيرة: «هذا حرّ»، هي آخر ما نصبو إليه، في ظل السقوف الواطئة جداً على الضمائر والأرواح، وفي متاهة الخطوط الحمراء، حيث ترتسم جغرافيا القهر.
الحرية الآن كلمة ناشزة، الأنكى أنه كلما قدّم الزمن مزيداً من السبل إليها تفاقمت الغربة عنها، حتى وكأنّ الزمن نفسه يعاني من القسر والاستبداد ما يكفي لشدّه إلى الوراء، إلى عبودية أخرى ذات وجهٍ مغلّف بالسيلوفان.
لا المثقف حرّ، ولا السياسي، ولا رجل الشارع حتى، ورغم أن كلّ واحد يحاول إيجاد طريقة لذاته، يتوهمها قائمة على حرية شخصية، يتلاشى كل جهد في صيغة جامعة هي الخوف، فإما خوفٌ من الناس، وإما خوفٌ من السلطة، وإما خوف من الماوراء، ولا يجد هذا الخوف العمومي تصريفاً إلا في قاموس، ما يزال يكبر، ويتوسع أبواباً وفصولاً، تحت عنوان دامغ هو الاستبداد.