رائد وحش رائد وحش

ربّما! صور تطيح باللغة

نفتتح الصباح بالصور، تلك التي تبث مذيلة بتاريخ اليوم السابق،  كطبق صحي خفيف، تتناول فيه العين إفطارها أخباراً بصرية،  عبر مقاطع متتابعة، تروي ماجرى من الأحداث، فالشيف، في مطبخ التحرير، يدرك أن تأجيلها لوقت لاحق أجدى وأنفع، وإلا أصابنا عسر هضم يصرفنا عن الشاشة.‏

لاتقنيات تصويرية مبهرة، فكل ما هنالك لقطات لكاميرات المصورين الصحفيين، وهم يكتبون بعدساتهم تقارير مرئية، تنقل ما جرى أمس بمسميات تختلف حولها الفضائيات بين« عين الكاميرا» و « الصورة تتكلم»، ليقتصر التلقي على العين وحدها، حين تصبح كائناً، بكل معنى الكلمة، كائناً له عقل وحواس، ولغته أوسع من أن يحيط بها معجم على الإطلاق.

ونحن في تلك الجولة الصباحية دقائق، لانرى العالم، ولا نحسه، فكل دوار يتسبب به واحد من المشاهد، سرعان ما يأتي المشهد التالي ليمحوه بدوار آخر، وهكذا سندخل في متاهة لعينة تعيدنا، نحن المستيقظين للتو، إلى النوم، فصور اليقظة تماماً هي صور المنام.‏

إنها سينما الواقع، مخرجوها يعدونها كونهم تقنيين، تقنيين فقط لاغير، أما كتاب النصوص فمن دون هوية محددة، مرة هم الآلات، ومرة هم البشر، وأخرى هم الحشرات، أو ما هو أقل من موجودات الطبيعة، الممثلون لا يؤدون أدوارا، إنهم يعيشون، حقا وحقيقة، وكل الأشياء والعناصر، مرشحة لنيل البطولة المطلقة.

صناعة الصورة صناعة ثقيلة، تضاهي كبرى مصانع الأرض، والمفارقة أنها تقتصر على ورشة صغيرة، فكل ما هو مطلوب حدث، وكاميرا، فضولية حينا ومغامرة محترفة حينا آخر، وفي النهاية يقع إدمان كوكايين المشهد، وتتبدد اللغة كالغبار.‏