يومياتُ حمارٍ سياحي
الحمارُ الذي يعملُ طوال النهارِ في نقلِ السياحِ من مكانٍ لأخر، يتمنى لحظةً يجلس فيها بفيء شجرة، ليتمكن من شرب بعض الماء، والاسترخاء قليلاً، وخاصة بعد هذا المشوار الطويل الذي حمل به سائحاً عربياً يزن أكثر من مائة وخمسين كيلو غراماً دون نظاراته ومأكولاته وثيابه.
ويتساءلُ دوماً الحمارُ، لماذا البشر رغم أنهم جنسٌ واحدٌ يتحدثون هذا الكم الهائل من اللغات غير المفهومة، حتى أنه أصبح يتقن بعضاً منها، فيستطيع مثلاً أن يرد التحية على أتانٍ فرنسيةٍ قد تعبرُ بالقربِ منه، أو ربما بقرةٍ دنمركية أو ما شابه.
الغريبُ في الأمرِ أن الحمارَ المملوكِ للدولةِ؛ والذي تؤجرهُ لأحدِ العاملينَ بشكلِ يومي لينقل السياح بأجر يوازي أكثر من مائةِ دولارٍ أمريكي، أي أكثرَ من يوميةِ راتبِ أي رئيس وزراءٍ عربي، أو وزيرٍ للسياحة، أو ما يعادل "مياومة" سفرهِ للخارج، بينما الفرقُ أنَ الحمارَ يعملُ طوال النهارِ في خدمةِ الأجانب وتعريفهم بمعالم البلد السياحية والأثرية، بينما يجلس الوزير طوال النهار في مكتبه يغازل سكرتيرته، أو يقيم مشاريعَ في السر، ويقدمُ تسهيلاتٍ لأجانبَ قَدِموا من بلدانٍ مجاورةٍ وغير مجاورة، وشقيقة وصديقة، لتبييض أموالهم في مشاريع سياحية مشبوهة. وفي الليل يعود الحمار لزريبته ليأكل بعض التبن قبل أن ينام، بينما تأتي السيارة الفارهة لتنقل الوزير من الوزارة لبيته، ومن ثم تعود لنقله لأحد النوادي الليلية ليستكمل الوزير جولته مع السائحات القادمات للبلدِ بقصد الترفيه، والتعرف على معالم البلد السياحية والأثرية.