وصية تشي غيفارا
صدر مؤخراً عن دار سمرقند كتاب بعنوان " النص الكامل: وصية تشي غيفارا " ترجمة الأستاذ الصحفي منصور أبو الحسن نقلاً عن الطبعة الفرنسية لصحيفة تري كونتيننتال الشهرية التي تصدرها الأمانة العامة لمنظمة تضامن شعوب أفريقية وآسيا وأمركيا اللاتينية –هافانا – كوبا 1967.
في الصفحات الأولى يتحدث المترجم عن اللقاء الذي تم بين غيفارا وجمال عبد الناصر حيث حضر غيفارا إلى هناك ليعرض على عبد الناصر ضرب الإمبرياليين في تانغا قلب مصالحهم بالذات وهو في حينها كان قد غادر كوبا متخلياً عن منصبه العسكري وعن كل ما يربطه بالحكومة الكوبية قانونياً
وصيته التي وجهها إلى شعوب العالم كلها "أن تكون كلها فيتنام وتتحرر من أخطبوط واشنطن "يعرض في بدايتها لحربين هما الحرب الكورية وحرب فيتنام ليتساءل إن كان هناك سلام حقيقي خلال واحد وعشرين عاماً على إنهاء الحرب العالمية الثانية . ويظهر أن أمركيا الشمالية وإن كانت قد استثنت عن أسلحة الطاقة الحرارية النووية بحربها على كوريا الشمالية فإن الأسلحة الأخرى الجرثومية الكيميائية قد استعملت على نطاق متدرج . وبالوقت نفسه فقد جابهت القوى الوطنية في فيتنام قوات ثلاث دول إمبريالية ( اليابان – فرنسا – الولايات المتحدة ) . في الحرب الفيتنامية بلغ حجم جيش أمركيا الشمالية في ميادين القتال قرابة نصف مليون وبهذا فقد حققت أمركيا معظم أهدافها المادية رغم المقاومة العالية العزم والتصميم من وحدات السلاح المضادة للطيران الفيتنامية ورغم إسقاطها 1700 طائرة .
ويستنكر غيفارا عدم التضامن الفعال مع فيتنام " وعندما نتعمق ونتبسط في تحليل العزلة التي عاشتها فيتنام يستبد بنا القلق إزاء هذه الحقبة غير المنطقية من حياة البشرية " ص22 . ويوجه نقداً لاذعاً ومبطناً للمعسكر الاشتراكي فهو وقف موقف المتردد المتخاذل فلم يجعل من فيتنام جزءاً لا يتجزأ من الأرض الاشتراكية " ص22 .
ويرى وبما أن الإمبرياليين يمارسون صنوف التهديد والتخويف والوعيد على الإنسانية جمعاء فإن سبيل الشعوب الوحيد لبلوغ أهدافها وحماية حقوقها هو " عدم الخوف من الحرب .. هو الهجوم الصلب المستمر ومن جميع نقاط المجابهة " ص25
وينظر برؤية بعيدة المدى للقارة الأسيوية وخاصة للصين التي تنتشر حولها حلقة مؤلفة على الأقل من كوريا الجنوبية واليابان وتايوان وجنوب فيتنام وتايلاند الخاضعة للسيطرة الإمبريالية بالإضافة لإطماع الرساميل الأمريكية بأن تمتلك منافذ لها إلى أسواق الصين الواسعة التي لم تستطع هذه أن تسيطر عليها حتى الآن .ص29
ثم ينظر للشرق الأوسط الذي يبدو في قمة ومنتهى الغليان فثمة الحرب الباردة بين إسرائيل المستوردة من الإمبرياليين وبين البلدان المتقدمة بالمنطقة .
أما في القارة الأفريقية فإن الولايات المتحدة لا تملك مستعمرات فيها وتعمل جاهدة للتغلغل داخلها . ويدرس غيفارا بنية بلدانها " غينيا- موزامبيق- أنغولا- الكونغو- روديسيا "والوضع القائم بها ليتوصل بأن " تتطور أفريقيا السياسي والاجتماعي لا يسمح بأن نتنبأ بقيام وضع ثوري قاري "
في أمركيا اللاتينية هذه القارة تقريباً أصبحت ناضجة ومهيأة لانتفاضة مماثلة يتوقف نجاحها وانتصارها إلى الحد الأدنى على الأقل , على وجود حكم اشتراكي التوجه "ص35
ويؤكد غيفارا أنه " يتوجب أن نعلم حقيقة أن الإمبريالية نظام عالمي وهي أعلى أطوار الرأسمالية وهزمها والانتصار عليها يتطلب مجابهة كبرى واسعة وعالمية " ص39 وتبرز أممية غيفارا بقوله " ما أحلى الموت تحت الألوان المختلفة لعلم هذا معناه سواء في فيتنام أم فنزويلا.... " ص44
وكم كانت رؤيته جادة بقوله " ما أكثر النقاشات والمرافعات وأشكال التخبط التي تضع عالمنا في حالة اضطراب دائم وتصرفه عن معركته الأساس من أجل الحرية " ص45
.وكخلاصة " إن عملنا كله هو صرخة حرب ضد الإمبريالية ودعوة حميمية لوحدة الشعوب ضد العدو الكبير للجنس البشري : الولايات المتحدة لأمركيا الشمالية "ص50