.. ورمت معاطفها الجبال وخبأتني
ليس محمود درويش من يحتاجنا لنكتب عنه أو فيه، بل نحن من يحتاج ذلك العلَم لكي نتفيأ بظلال عبقريته.
كي تعبُرَ القصائدُ الطافحة بالأمل والكبرياء ذاك القلب المتعب لا تحتاج من عبقريته إلا لمسة حانية، فنقف طويلا مشدوهين نسهر من جراها ونختصم ولكن باجتراح العاشق لمبررات وقوفه على ناصية الحب كيما ينتظر عشيقة من قمح وبرتقال.. إننا وبرنين كلماته نحتسي كل يوم تفوقنا الوجودي إذ يتمنى عدونا أن يكون هذا العلَم في معسكره، ويدعو في الوقت ذاته لاستئصالنا، وأنت يا صاحب الشِعر كله تتنبأ بزواله كعابر في الكلمات العابرة لتتركه في كوما وجودية قاسية. كم من إذلال وخنوع لمرضى الأمة قدمتِ الكلمةُ المناضلةُ، وكم من قهر بلون الليل تركتْ قصيدةٌ في فم فلسطيني نهارَها حاراً باسما في أعين العالم المنافق أحيانا، والجاحد لنقائنا كثيرا... لو أني أعرف بماذا كنت تفكر بأية قصيدة قبل الرحيل لأضمها وأطعّم بها قصائدي القادمات كي أصير ولو قليلا مثلك خالدا مناضلا، هي أمنية أعرف ذلك!! خلودك هو نصرنا في صراعنا مع الغيلان الجامحة التي استسهلت ابتزازنا وأنت يا سيد الشعر تقهرهم كما قهرتْ مسلة المصري الفناء، وإن نسيت فلا أنسى جدارية لك رتقت جرحنا النازف و سترت تسول كثير منا أمام أروقة الخونة لعدالة بقائنا وبراءة خياراتنا. دعني أناديك هكذا بلا أية رتوش باسمك كأخ يصغرك أو كابن ضال يبحث بين كتبك وقصاصاتك عن مجد بنيته أنت وريتا وفلسطين .. لله كيف اختارك الموت بعد ثلاثة نزالات حامية كنت في السابقتين تردي الموت كأنه خيّال جاهل بك يمتطي جَموحا،أما الآن وقد نال من قلبكَ فلتمضِ في عليائك واسقنا هناك خمرا طيبا برائحة الشام أو فلسطين التي أتعبت قلبك، فليكن استقبالك لنا يوماً كاستقبال الماغوط وعدوان وزيّاد في نعيمهم لكَ....