«استهداف»..!!..
روز سليمان روز سليمان

«استهداف»..!!..

كيف يمكن أن يكون البطل "فاضلاً" وكيف يمكن له أن يكون "مغرياً".. بين البطولة والإغراء ثمّة استهداف!!.. في استهداف الفضيلة ابتعادٌ عن لذّة الانتصار، وفي استهداف الإغراء ابتعادٌ عن "بطولة" الفضيلة.. من ينجو؟!

هذا بحدّ ذاته تخلٍّ عن اختبار الحقيقة، تلك التي تقول إنه لا ينبغي الإفراط في توسّل الإشارات القليلة عن "النجاة" ليبقى جلّ ما بوسعنا أن نستنتج أن البطولة ليست سوى "استهداف" غير معلن!!.. فما الذي يبقى من أجل أن تكون "النجاة" بطولة!!.. قد نقع في كلتيهما، إلا أنه ليس بالضرورة أن تكون النجاة فضيلة.. قد ينجو من ينجو إلا أن هذا لا يمكن له أن يكون حقيقة أو حتى بطولة، فثمّة لحظة أخيرة هي قبل "موتها" وقبل "النجاة" بديهة!!.. ثمّة لحظة أخيرة قبل "النجاة" هي في عُرف القنّاص  السياسي والعسكري والديني والاجتماعي والأخلاقي ليست إلا لحظة غير مطابقة للتقسيمات الجغرافية في أقلّه، وفي عرف "المُستهدَف" ليست إلا لحظة غير مطابقة للتقسيمات الوقتية ولا للعبور أيضاً!!..

وكأن ثمّة من يرى زهداً في وقتٍ لا وقتَ لديه لمحظورات سياسية أو مدنية أو دينية أو اجتماعية أيضاً.. ثمّة "مُستهدَفٌ" هنا و"مُستهدِفٌ" هناك يعتقد مسبقاً أن لا وقت يحتمل نواهي جوهرية أو فرائض جبرية عليه، كلاهما وفي تبادل الأدوار "أبطال"؛ دائمو الاعتقاد أن الفضيلة لا يمكن لها أن تحدث إلا بهم ولأجلهم دون سواهم.. وكأنه لا سبيل إلا لـ "منقذ" يدرك فضيلة "الهروب" لكنه يعجّل من اللحظة الأخيرة قبل "النجاة" باعتبارها ممكنة الحدوث معه أيضاً!!.. لا "نجاة" بإمكانها أن تجعلنا دائمي الفضيلة ولا "بطل" بإمكانه أن يجعل "الانتصار" دائم الحدوث، طالما أنه وإلى اللحظة التي سيدرك فيها "البطل" أن الجميع ملزم عموماً - باستثناء الحرية التي يمكن أن يمنحها وضعاً كوضع "شذوذ"- بقيود صارمة توجب الفضيلة وتنجب الإغراء، سيبقى ثمّة "استهداف" دائم.. له.. لكِ.. لكَ.. لكم.. لنا.. سيبقى في القادم السوريّ تذكيرٌ دائم بـ "الاستهداف" وتبريره: استهداف مُفكَّر فيه، مكتوبٌ ومُعلَّمٌ به وموجّه أيضاً.. وإلى أن يأتي "منقذ" في اللحظة الأخيرة سيبقى ثمّة "بطل" يستحوذ على الفضيلة ويقاوم إغراء لذّة الانتصار، وثمّة "بطل" آخر لا حقيقة لديه إلا تلك التي تؤدي باختبارها إلى "نجاة" بطل من بطل.. "مُستهدَفٌ" من "مُستهدِفٌ".. ليكون الجميع "أبطال" على حساب كل ما حاولنا أن نعيشه من فضيلة لم تر في البطولة إلا لذّة عابرة قبل لحظة أخيرة!!.. يبقى سؤال يطرح: كيف يمكن أن يظلّ كل منا محطّ إغراء بطل وكيف يمكن أن يُطمئِن كل منا نفسه بأن لا بطل سيستبدلنا ذات يوم بآخرين أشدّ فضيلة ممّا خسرنا نحن منها!!..

 

*عن مجلة الأزمنة