الفنان خالد تاجا لـ«قاسيون»: في داخلي مخزون كبير يساعدني على التعبير دون حوار
بدأ خالد تاجا رحلته كممثل في فيلم «سائق الشاحنة» عام 1966. هو واحد من الوجوه الراسخة في وجدان المشاهد العربي، استطاع بصدقه واجتهاده أن يؤسس لعلاقة مختلفة لا ترتبط بالنجومية الآنية. في رصيده العديد من الأفلام والمسرحيات والمسلسلات التلفزيونية. ولعل من أدواره التي لا تنسى تأديته لشخصية ابن عباد في «الزير سالم»، أو دور الأب في «إخوة التراب». فنان ذهبي لا يستقيم تصنيفه إلا إذا ما وضع إلى جوار جاك نكلسن ومارلون براندو وأنطوني هوبكنز، كيف لا وقد وصفه محمود درويش بـ «أنطوني كوين العرب»؟
• لماذا تبتعد عن الأماكن التي يتواجد فيها الفنانون عادة؟
أنا خارج السرب بكل سلوكي وتصرفاتي، وأفضل التواجد بالأسواق الشعبية، كي أحتك بالناس وألامس نبض الشارع.. شخصياً لا أحب جلسات المقاهي ففيها شيء من البلادة، كما أن هذه الاجتماعات لا تستهويني، والأشخاص الذين أحب التواجد معهم ألتقي بهم أثناء التصوير أو في المنزل حيث أستطيع التحدث معهم بأمور عديدة بما فيها المحظور، على الرغم من أن إيجاد صديق مسألة تشبه المشي باتجاه السراب.
• ترى هل تشبه الدراما السورية حياة السوريين؟
هناك محاولات لملامسة الواقع، وهي محاولات جادة ضمن القدر المسموح رقابياً، لكن ثمة نوع من الرقابة المشددة في جميع المحطات، حيث من الممنوع الحديث في الجنس والدين والسياسة، والغريب أن المجتمع يقوم على هذه التركيبة الثلاثية، وتجاهلها يشكل عبئاً كبيراً على الكاتب، لذا يعمل على التحايل بطرق شتى منها اللجوء إلى الفانتازيا، أوالهروب إلى التاريخ وإسقاطه على ما هو معاصر.
• كيف تتصور مستقبل الدراما السورية ؟
إذا بقيت على هذه الحال سوف تظل تراوح في مكانها، ما تحتاجه هو الإخلاص، وخلق مواضيع جديدة، والبقاء مع ما يهم الحياة، والأهم أن يبقى عملنا فيها عشق، وأن نبقى هواة على الدوام، وألا نصل إلى مرحلة المحترفين.
• المدرسة الفرنسية تعتمد على اللعب بتقاسيم الوجه وأنت قادر عن الاستغناء عن الحديث والتعبير بوجهك هل هذه ملكة أم من خلال التدريب؟
أنا مؤمن بالمدرسة الواقعية، وفي داخلي مخزون كبير يساعدني على التعبير دون حوار، وهذا أهم من الحوار برأيي.
• منطقك وحديثك يدل على أنك رجل قارىء ما الكتب التي تقرؤها وهل أثرت في أدائك الفني؟
هناك كتابان مهمان في الحياة: الكتاب والإنسان. البانوراما مفتوحة، وأحاسيسي غير مغلقة، وأنا أعتبر نفسي تلميذاً لفرويد، بالإضافة الى أنني أمتلك نوعاً من الفراسة يخولني لقراءة الوجوه والانفعالات الانسانية، وهذا، على ما أظن، يشكل مخزوناً درامياً يتبلور، أكثر وأكثر، من خلال رفده بالقراءة ومتابعة النواحي الثقافية بشكل عام. ثم إنني هاوٍ للفن التشكيلي ولدي محاولات عديدة، وقد توقفت منذ عام 1983 ولم أعد أرسم.. كم أنا حزين على خسارتي هذه، فالفن التشكيلي كان يساعدني على رسم الشخصيات التي أجسدها.
أول كتاب قرأته اسمه «إعداد الممثل» لسانتسلافسكي، ذهبت لشرائه لأني أحسست أن الممثل دون الثقافة مثل الجوهرة الخام التي إذا وجدتها في الطريق لا تلفتك، ولا تستطيع أن تأخذ صيغة الجوهرة إلا عندما تصقل، والثقافة هي الصائغ للجوهرة. في مكتبة النوري وجدت كتابي المنشود ولم يكن معي ثمنه، فخبأته داخل ملابسي وخرجت، وبعدها سرقت كتاباً آخر لفرويد «المسرح والسينما وأمراض النفس»، لكنني بعد هذا توجهت لقراءة الأدب، وأول من قرأت له هو جونشتاين بيك في عمله الجميل «شارع السردين المعلب».
• من هو النجم الاول في سورية؟
النجم الأول جمال سليمان.. ولكن الممثل الأول بسام كوسا. ومن الشباب أستطيع القول إن قصي خولي أهم ممثل بين الجيل الجديد، وهو موهوب لدرجة لا توصف، وذكي جداً.. هذا الشاب فيه من الأخلاق العالية والصفاء الداخلي ما يعجز عنه الوسط الفني كله، وهو نقي ونظيف مثل الشمس، موهوب موهبة جبارة .
• من بتصورك سيكون خالد تاجا مستقبلا؟
عبد المنعم عمايري وقصي خولي.
• من مخرجك المفضل؟ وما رأيك بالمخرجين الشباب؟
يوجد أربعة مفضلون هم: هيثم حقي وحاتم علي والليث حجو والمثنى صبح. وبالنسبة للمخرجين الشباب مازالوا في طور التكوين ولا أستطيع إعطاء رأي في أحدهم، فالفن كله تجريب قابل للفشل والنجاح، الفن مغامرة.