في يريفان.. صرخة «زري» تعود إلى الحياة!
انطلقت في العاصمة الأرمينية يريفان فعاليات مهرجان GOLDEN APRICOT للسينما العالمية التي تستمر ما بين 10 وحتى 17 تموز الجاري. يقام هذا المهرجان كل عام منذ 2004، وتعرض فيه أفلام سينمائية كلاسيكية وجديدة (بعيداً عن السينما الهوليودية) من أنحاء العالم كلها ، وسيعرض المهرجان هذا العام 43 فيلماً في سينما «موسكو» وسينما «القاعة الحمراء» في يريفان.
فتتح المهرجان فعالياته بعرض فيلم زري «zerê» 1926 بمناسبة حلول الذكرى التسعين لإخراجه. كتب السيناريو لازو هاكوب خازاريان، وهو مستوحى من قصة حقيقية بعنوان «قدر زري»، وأخرجه المخرج حمو بيكنازاريان، المعروف في السينما السوفيتية، وذكر إيسكوستوف في كتابه «ذكريات الممثلين ومخرجي السينما»، أن فيلم «زري» والمأخوذ عن قصة «قدر زري» المنتشرة على ألسنة سكان آلاغوز، والذي يصور حياتهم، هو من أشهر أفلام بيكنازاريان على النطاق العالمي.
يصور الفيلم حياة الرحل والقرويين الأكراد في أرمينيا عشية ثورة أكتوبر، سكان جبال آلاغوز، ويحكي عن عادات وتقاليد تلك المناطق، والصراع ضد العادات البالية.
كانت زري أجمل فتيات القرية وقعت في حب الراعي سيدو، وانتشرت قصة حبها على ألسنة سكان قرى آلاغوز، ويقرر تيمور بيك الإقطاعي الكردي الذي تقدم لخطبة الفتاة عدة مرات ورفضته، انتزاع زري من حبيبها، فتتعرض الفتاة للخطف عنوة على يد الأغا تيمور بك.
يصور الفيلم ظلم تيمور بك للناس ومساعدة الشرطة له، ويظهر من ناحية أخرى ردود الناس ونضالهم ضد الظلم. يقوم تيمور بك بتجهيز قافلة من رجاله المسلحين ليبدأ دق الطبول والمسير باتجاه منزل الفتاة لخطفها عنوة أمام أهلها! تصرخ الفتاة بوجه خاطفيها قائلة: «لا أريدك يا آغا الكرد». فيرد الآغا باتهامها أمام الناس، أنها ليست «عذراء»، ويجب معاقبتها هي وحبيبها سيدو، يقوم رجاله بوضعها مع سيدو على حمار ويلفون بهما القرية للتشهير بهما.
لم يقبل «خضر» أخو سيدو الأصغر ورفاقه هذا الظلم، فوقفوا في وجه تيمور بك وانتفضت القرية كلها معهم.. يخلصون سيدو وزري من يد الإقطاعي ورجاله وينتهي الفيلم بقتل تيمور بك.
رغم أن الفيلم صامت لكنه مليء بالدراما والفوتوغرافيا ومواضيع مختلفة تتمحور حول صرخة زري ضد الظلم. ومقاومتها في قرية ساريبولاغ من مراعي آلاغوز الجبلية في أرمينيا. سنة 1970، قام المخرج السوفييتي ألكسندر سبيندياروف بإدخال الأصوات باللغة الكردية على الفيلم بمساعدة كبار الكتاب الأكراد مثل جليلي جليل، جاسم جليل، كريم سيدو، وصدر الفيلم بنسخته الجديدة في أرمينيا مع نسخ أرمينية وروسية. وهو موجود اليوم في أرشيف وزارة الثقافة الأرمينية.
الفيلم من بطولة كبار الممثلين في أرمينيا السوفييتية: ماريا تينازي التي تؤدي دور زري، هراجيا نيرسيسيان بدور الراعي سيدو، ميكائيل غاراغاش بدور الأغا تيمور بك، وآخرين، حيث شارك في التمثيل 500 ممثلاً وفناناً.
أفلام أخرى عديدة تشارك بالمهرجان، منها فيلم الدراما الدانيماركية «THE COMMUNE» إخراج توماس فينتيربيرغ 2016 الذي يصور حياة عائلة من الأكاديميين يقطنون فيلا في منطقة راقية من كوبنهاغن، تحاول أن تعيش حلم «الحياة الحقيقية» تحت سقف واحد، ويقدم عن طريق الفكاهة والمرح أمثلة عن جيل كامل من الشباب الحالمين والمثاليين الذين استيقظوا مؤخراً على الواقع الدانيماركي بكل تناقضاته.
يحاول الفيلم الوثائقي الروسي «تحت الشمس» للمخرج فيتالي مانسكي 2015، تصوير الحياة الحقيقية في كوريا الشمالية بعيداً عن الدعاية الغربية، يتتبع الفيلم حياة إحدى عائلات بيونغ يانغ العادية لعام كامل من خلال حياة «سبارتاكيداس» اليومية، حصد الفيلم جوائز عالمية كأفضل فيلم وثائقي في المهرجانات كلها التي جرت في روسيا وأوروبا الوسطى خلال العامين الأخيرين.
أما الفيلم البرازيلي «CURUMIM» فيصور حياة برازيلي حكم عليه بالإعدام في إندونيسيا بعد اتهامه بتجارة المخدرات، ويسرد الفيلم من خلال المحاكمة الأسباب الفعلية للجريمة، ودوافعها، وضرورة محاكمة الأسباب وليس النتائج!
الفيلم الألماني باللغة التركية «قماش الغبار» من إخراج مريم يافوز 2015 يصور حياة نسرين وخاتون، وهما خادمتان كرديتان فقيرتان في مدينة إسطنبول. يحكي سعيهما من أجل لقمة العيش، وجهودهما من أجل إيجاد عمل حقيقي، واضطهاد الخادمتين من الطبقة «المخملية»، كما يظهر الفيلم صراع المرأة ضد الأعراف الاجتماعية التي فرضها المجتمع عليها.
يعرض أيضاً الفيلم المكسيكي «الرجل الذي شاهد كثيراً» من إخراج تريشا زيف 2015، وفيلم «آنا» لجورج دورادو 2013، ومجموعة من الأفلام الكلاسيكية.
سينما عالمية جديدة
شهد العامان الأخيران إنتاج عدد كبير من الأفلام السينمائية في روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان والبرازيل والمكسيك وألمانيا وبريطانيا وأوروبا الوسطى والصين في اتجاه بدأ يظهر في السينما العالمية منذ العام 2010 يقوم على إنتاج سينما بديلة عن أفلام هوليوود، لتلعب دوراً إيجابياً في المجتمع على طريق إعادة الألق لصناعة الأفلام التي قامت هوليود بكسرها، بدأ هذا الاتجاه بطيئاً منذ عام 2010، ليقفز خطوات إلى الأمام عام 2015 كمعادل ثقافي لصعود بلدان البريكس حيث يتم إنتاج عشرات الأفلام السينمائية سنوياً، التي تنافس هوليود ليس في التقنيات فقط وإنما في إعادة الاعتبار لثقافات شعوب العالم والتراث المحلي لهم.