أحقاً لا يعلمون؟!
ليس الفيديو المتداول على موقع «اليوتيوب»، والذي يظهر عدداً من الفنانين السوريين البارزين – منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر- وهم يحتفون بالقذافي في منزل دريد لحام عام 2008، ولا موقف «الزعيم» عادل إمام من ثورة أبناء شعبه ومحاباته للنظام حتى آخر لحظة، ولا صمت معظم الفنانين العرب تجاه ما يجري حتى لحظة يقينهم إلى أي الكفتين سيرجح الميزان، ليست هذه التفاصيل هي المهمة، بل صورة الفنان العربي بالمجمل، التي أعتقد أنها وبعد سقوط الأقنعة أصبحت تبدو قاتمة ومهزوزة.
أن تكون فناناً مهنة تقتضي كسب محبة الشارع، لذا فإن من شروطها الالتصاق به، والتعبير عن هواجسه همومه مخاوفه تطلعاته، وهذا ما أصبح على ما يبدو عبئاً على بعض الفنانين، (الشعبية ومحبة الجماهير العريضة مقابل كسب ود أولي الأمر)، المعادلة صعبة إلا أن البعض منهم وجد الصيغة المناسبة للموازنة، فقدّم أعمالاً ظهر فيها وكأنه ابن الشعب البار، وصوته الذي لا يخفت، ليفاجئ جمهوره أخيراً بأن كل ما قدّمه لم يكن فناً ملتزماً صادقاً، بل كان تياراً وجد نفسه داخله مصادفة، أو ربما تنفيسة لشارع محتقن، لا يمكن لها أن تتم إلا بعد أن يُضاء الأخضر.
حجم الخذلان الذي سببه عادل إمام كمثال، لا يمكن أن يقاس، فقد أحبه الشارع العربي من أجل مسرحية «الزعيم» و«الواد سيد الشغال» وغيرها من الأعمال التي قدمته كفنان ملتزم بشعبه، مؤمن بحريته، مناهض لكل أشكال القمع وكم الأفواه ونهب الثروات، لنكتشف من خلال موقفه وموقف العديد من الفنانين بأن الواقع مغاير لذلك تماماً، وبأن هناك فنانين مدفوعة أثمانهم مسبقاً، ومنذ زمن بعيد.
حسبُ هؤلاء أنهم لم يكونوا يعلمون بالوعي الذي يتفتح داخل الشباب، والذي كان حصيلته ثورات شعبية استطاعت أن تحدث نقلات نوعية، لم يكن يُتوقع أو يؤمل حدوثها، لكن رغم ذلك ما زال بعض الفنانين ينعتون الشباب بـ «صبيان الفيس بوك»، وينشغلون بتوقيع عرائض الشجب والتنديد بالجرائم التي تحدث في ليبيا، ممهدين لقلب مواقفهم ممن توددوا وتملقوا لهم سابقاً، فهل سنغفر لهم ونقول: حسبهم أنهم لم يكونوا يعلمون؟!!