حاورتها إيمان الذياب حاورتها إيمان الذياب

نايات قصيدة أميمة إبراهيم

وانت تقرأ قصائد الشاعرة أميمة ابراهيم يبدو لك أنك أمام لوحات فنية بقدر ما أنت تقرأ قصائد شعرية، لوحات ترى فيها ما ترى... ترى الحزن الذي يتسلق الأرواح، ترى الفرح الذي يداعب القلب ,,, ترى قوس قزح ... ووجه أم ... وغزالة في المدى...كان لقاسيون هذا الحوار مع الشاعرة أميمه ابراهيم  تتحدث فيه عن بعض جوانب تجربتها الابداعية.

الشاعرة أميمة ابراهيم، بنت حمص المعروفة بغناها الأدبي وتنوعها الثقافي، كيف يمكن للتنوع  أن يسهم في بناء ثقافة وطنية جامعة لكل السوريين؟

أنا من حمص أم الحجارة السود التي رغم الجراح تزدهي بتعانق مآذنها وقباب كنائسها، طبعتني مدينتي بطابعها الجميل فعشقت تنوع حاراتها وفسيفسائية شوارعها المزدانة بأشجار الأكاسيا ومثل غيري تربيت على حب الوطن، وعشقت حجارته وشربت ماء الحياة من ينابيعه ومن خضرته وزهوره ارتشفت رحيق الحياة، حمص علمتني الكثير، علمتني أن أحارب اليأس بالضحك والفرح، حجارتها السوداء لوّنت أيامنا بالبياض.

هناك في مدرستي الابتدائية في حي شعبي من أحياء حمص القديمة، تعلمت كيف أخط الحب قصائد للحياة، وكيف تتعانق المساجد والكنائس بوقار وكيف تتصاعد إلى السماء سيمفوفية المحبة والتسامح.

تنقلت في عدة أحياء، وكان لكل حي خصوصيته التي علمتني معنى التعايش الإنساني الجميل وقبول الآخر. وأثق أن حمص ستعود بهمة أبنائها وتوقهم الدائم إلى المحبة والحياة كما كانت، فكل من في حمص شاعر على طريقته.

هي المدينة التي تتباهى بديك الجن وعبد السلام عيون السود ووصفي قرنفلي ومراد سباعي وكل الأدباء الذين أغنوا الحركة الأدبية وخاصة الشعرية في سورية.

 

بماذا تتميز تجربتك في الكتابة للأطفال؟

أحببت الأطفال فكتبت لهم وحاولت أن أغرس في عقولهم قيماً جمالية وتربوية ومعرفية ووطنية، علاقتي مع الأطفال رائعة وأعتقد أني أتقن التعامل مع اللغة ببساطة وسهولة خاصة وأني أمضيت ما يقارب ربع قرن في تعليم اللغة العربية، وأحمل في داخلي طفلة حالمة تحب الحكايات والنهايات السعيدة. يحملها الكتاب ذو الأوراق المصفرة إلى كل أنحاء الدنيا وأؤمن أن أدب الأطفال أداة للنهوض بالطفل والمجتمع.

كتبت الشعر للأطفال، لكني انحزت إلى كتابة القصة الطفلية لما تنطوي عليه من جاذبية ولمقدرتها على استيعاب القيم والمفاهيم والألعاب، فهي كما يقول علماء النفس لون من اللعب الذي يحتاج إليه الأطفال لتشبههم بعنصر الخيال.

فهي كالحلم يحتاجونه ويتوقون إليه، في القصة يجد الطفل شخصيات تشبهه وتشبه جيرانه وأصدقاءه وتتيح له التحليق على أجنحة الخيال مع شخوص قصته فتشده وتجذبه، في هذا أنا أشبه من أكتب لهم، أعيش تفاصيل حكايتي، أركض مع سندريلا قبل إتمام الساعة دورتها الثانية عشرة، أحكي مع القمر أبثه شجوني، أركض مع الفراشات، أطير مع العصافير فتكتمل القصة لدي.

 

لم تقتصري على القصة، بل لجأت إلى الشعر، ما الفرق بين التجربتين؟ 

للشعر مذاق خاص، طعم مختلف، فيه أجد إنسانيتي، وتوقي اللامتناهي إلى العدل والتسامح والحب. الشعر يسكب في حنايانا دفقة الحياة التي نحتاجها لنخرج من مأزق الدماء.

 الشعر صلاة الحياة، وبوح الطبيعة وعشق الجمال، أردت لكتابي الأخير «نايات القصيدة وغزالات الروح» أن يكون دعوة للحب في زمن أفقدنا توازننا، دعوة للحب في زمن كثر فيه النفاق وازدادت البغضاء، دعوة لأصدقائي وصديقاتي لأولادي لأهلي لكل الناس في بلدي كي لا تفرقنا متاهات ودروب وعرة ومذاهب فالاختلاف لا يعني الاقتتال، اختلف معي ما شئت لكن اقبلني كما أنا وسأقبلك كما أنت.

أقول في قصيدة : (إلى أين نمضي والخيول كبت) لكنني أنهي قصيدتي بالأمل : يا للبلاد أرقتها المواجع وفتت الحزن حجارتها السود يا للبلاد مازالت فيها رغم السواد بعض من بياض.

أحتفي بالوطن على طريقتي فلا أحد يغطي عري الروح في مساءات الصقيع إلا الوطن، كما ورد في قصيدة شهادة، فالوطن بالنسبة لي هو البشر والشجر والحجر، هو الصديق والحبيب والابن، هو الزيتون والسنديان والأكاسيا والياسمين. ولأني من حمص فأنا حتماً أحمل من ديك الجن مساً ومن وردٍ موال صبا وأغنيات باذخات يتقاطر في أوردتها البنفسج.

 

من أي الكلمات تغزلين قصائدك؟

لغتي مألوفة تزينها الطبيعة بمفرداتها الثرّة فأعي تماماً أن الشعرية عمل في اللغة يكسبها جمالية، لتصبح اللغة أكثر تأثيراً في النفس. في القصة لا ألتزم المخطط الكلاسيكي المعروف في القصة، بل أزاوج ما بين القصة والشعر في نص قصصي يحمل في تفاصيله الشاعرية التي أحس أننا بحاجة إليها.

 

هل الشعر في أزمة؟

 أعتقد أنه الشاعر، الغارق في الألم حتى الانتشاء، قليل من الحب، قليل من الفرح، وكثير من الأمل كي ننهض رغم الجراح.

 

ما دور المؤسسة الثقافية في نشر الأدب الحقيقي؟

يسلط الإعلام الضوء على البعض، دون أن يكون لديهم في أحيان كثيرة هذا القدر من الأهمية والموهبة ويظلم آخرين، لأن الإعلام رؤيا ولعبة، وهناك من يجيدها ومن لا يجيدها. الموهوبون بحاجة لدعم جهات ثقافية، تأخذ بأيديهم وتظهرهم ، فأنا قليلة الظهور إعلامياً، ليس برغبة مني إذ تقام الكثير من الندوات الخاصة بأدب الأطفال ويدعى إليها من ليس لهم علاقة بأدب الأطفال لا من قريب ولا من بعيد. بينما يبقى أدباء الأطفال الحقيقيون  بعيدين، شعراء وقصاصين لا يأخذون حقهم إعلامياً.

 الكتابة للأطفال من أصعب أنواع الكتابة، لأنك مضطر لمخاطبة الطفل بلغته والوصول إلى مايريده.