«أودع الدموع التي تودعني»!
توفي يوم الثلاثاء 5/4/2016 شاعر تونس «الصغيّر أولاد أحمد» عن 61 عام بعد صراع استمر سنوات مع المرض، وبرحيله فقدت تونس واحداً من أبرز أصوات الحرية والإبداع الشعري فيها، تونس التي ظلت، على صغرها، هاجساً شعرياً للشاعر الراحل يقول فيها: «وطني دقيقٌ مثل ساعةْ/ الكلُّ فيهِ عقاربُ/ والفردُ ينتخبُ الجماعةْ».
يقول أولاد أحمد في قصيدة «نحب البلاد» وهي أبرز قصائده: «نحب البلاد كما لا يحب البلاد أحد، صباحاً مساءً، وقبل الصباح وبعد المساء ويوم الأحد.. ولو قتلونا كما قتلونا ولو شردونا كما شرّدونا، ولو أبعدونا لبرك الغماد لعدنا غزاة لهذا البلد»
وناضل أولاد أحمد ضد الاستبداد والقهر في تونس وساند انتفاضات المهمَّشين من الطلاب والنقابات العمّالية والفقراء والعشّاقِ والمشرّدين والمعارضين السياسيّين، الأمر الذي جعله عرضة للمضايقة والفصل من العمل. كتب منذ أشهر قائلاً: «خُضْنا حروباً عديدة ضد استبداد الإرادة واستبداد الدولة واستبداد النقد الأدبي واستبداد التأويل الديني، لم ننتصر بالكامل، ولم ننهزم بشكل حاسم، وها نحن الآن نخوض حرباً مع مرض أمّيٍّ، لا يحسن القراءة والكتابة، لا نُحمّل المسؤولية لأحد من هذه البلاد التي أحببناها صباحاً ومساءً ويوم الأحد. في انتظار أن تحبّنا هي بدورها. إذا وجدت يوماً شاغراً في أيام الأسبوع».
ونشر عدة كتب شعرية منها «نشيد الأيام الستة» (1984) و«ليس لي مشكلة» (1998) و«حالات الطريق» (2013) وله كتابان في النثر هما «تفاصيل» (1991) و«القيادة الشعرية للثورة التونسية» (2013).
وكان الشاعر التونسي قد بدأ تجربة الكتابة الشعرية في سن الخامسة والعشرين في أواخر السبعينات بعدما أنهى جميع مراحل تعليمه في تونس. ودافع عن الحرية والكرامة الإنسانية ضد القمع والاستبداد. وسجن في منتصف الثمانينات كما حُجبت العديد من قصائده. وتولى أدارة بيت الشعر في 1993.
وأثناء اشتداد المرض به كتب الشاعر الصغير اولاد أحمد من داخل المستشفى الذي كان يتلقى العلاج فيه، قصيدة مؤثرة سماها الوداع، يقول فيها «أودع السابق واللاحق.. أودع السافل والشاهق.. أودع الاسباب والنتائج.. أودع الطرق والمناهج.. أودع الأيائل واليرقات.. أودع الأجنة والأفراد والجامعات.. أودع البلدان والأوطان.. أودع الأديان...أودع أقلامي وساعاتي.. كتبي وكراساتي.. أودع الدموع التي تودعني».