رحيل الفنان نذير نبعة
توفي الفنان التشكيلي السوري، نذير نبعة (1938- 2016)، الذي يُعد من أهم أعلام الفن التشكيلي في سورية، وتعكس لوحاته لغة فنية فريدة تملؤها عناصر المكان والطبيعة، علاوة على رموز التاريخ والحضارات القديمة.
ولد نبعة في دمشق، ودرس الفنون الجميلة في القاهرة سنة 1964. بعد ست سنوات، عاد إلى دمشق ليغادرها مجدداً إلى بوزار باريس ثم استقر في مدينته ليدرس في قسم التصوير في كلية الفنون الجميلة.
في بداياته، لم يخرج نبعة عن الخط الذي رسمه رواد مصر الذين مارسوا تصويراً واقعياً، محاولين إعطاء عملهم طابعاً محلياً من خلال إغناء لوحتهم برموز فرعونية، أو عناصر بسيطة من الحياة اليومية. وكان لعودة فاتح المدرس من روما، الأثر الكبير على الفنانين السوريين، من بينهم نبعة، حيث لفت نظرهم بعودته لاستلهام الإرث الثقافي والجمالي الذي سبق الإسلام. تواكب ذلك الأثر في نفس الفنان، مع إقامته لفترة وجيزة في مدينة دير الزور حيث عمل مدرساً للفنون في ثانوياتها. بدأ نبعة هناك اهتمامه الفعلي بالحياة الشعبية وبملاحم الأقدمين.
كان التحول الأول لفن نبعة هو التحرر من الأسلوب الأكاديمي ليرسم بشيء من الرمزية أجساداً آدمية مليئة بالتمائم بوجوه ذات عيون كبيرة تبدو عليها الدهشة الغامضة. هذا الاهتمام بالعيون واكب أعماله طويلاً. لاحقاً حاول نبعة أن يجد أسلوبه الشخصي الذي يعتمد كأساس على الفن التقليدي المحلي. أنتجت هذه التجارب أسلوبه الذي صنع شهرته، مستفيداً من مهارته في الرسم والتلوين.
لوحاته كانت ذات جو ملحمي حالم يغلف الأماكن: وجوه سمراء، عناصر ومفردات من الأنتيكا والمصنوعات الحرفية المحلية والحاجات اليومية فأدهش بذلك الجمهور بمواضع أثيرة محببة لديه. لم تلبث هذه المواضيع أن تطورت لتصبح مناظر استشراقية تسكنها فتيات أو طبيعة صامتة مغرقة في الزخرفة. بورتريهات في ديكور شرقي وتفاصيل دقيقة لموتيفات نباتية تحتل مساحات لا بأس بها من اللوحة.