سوزان ستيوارت.. ملحمة البُعد

منحت «حلقة نقاد الكتاب الوطنية» الأميركية، في أوائل عام 2004، جائزتها الشعرية السنوية للشاعرة ـ الناقدة سوزان ستيوارت (1952) عن مجموعتها ««Columbarium، وهي رابع مجموعة شعرية ـ نثرية كانت قد أصدرتها الشاعرة المـُقـِلـّة منذ عام 1981، بسبب من اشتغالها الهادئ على اللغة في قصيدة النثر. هذا إلى جانب إصدارها، وهي بروفيسور اللغة الإنكليزية، كتباً نقدية عدة حظيت باهتمام الأوساط الثقافية والأكاديمية، كان أبرزها كتاب «الشعر ومصير الحواس».

هنا قصيدة: «نجوم صفراء وجليد» من مجموعتها الأولى التي تحمل العنوان ذاته والصادرة في عام 1981:

 

بعيدة أنا بُعد أعمق سماء بين الغيوم

بعيد أنت بُعد أعمق جذر وجرح،

بعيدة أنا بُعد القطار في المساء،

... بُعد نداء لا يمكنك سماعه أو تذكره.

بعيد أنت بُعد حيوان لا يمكن تخيله

يخاف أي شيء، فلا يظهر.

 

بعيدة أنا بُعد الزيز والجراد

وبعيد أنت بُعد أملسِ سهمٍ

حاك الريحَ نوراً فوق

شجر البتولا.

 

بعيدة أنا بُعد نوم الأنهار

التي تلطخ أعمق سماء بين الغيوم،

بعيد أنت بُعد اكتشاف، وبعيدة أنا بُعد ذاكرة.

 

بعيد أنت بُعد الجدول أحمر الحصى

حيث يجرح الأولاد أقدامهم على الحجارة

ويبكون. وأنا بعيدة بُعد أمهاتهم

السعيدات، يُبيِّضْن كتاناً جديداً فوق العشب

ويغنين «أنت بعيد بُعد حياة أخرى،

بُعد حياة أخرى أنت».

 

بعيدة بُعد أبجدية لانهائية

مشغولة من نجوم صفراء وجليد،

وأنت بعيد بعد أظافر الرجل الميت،

بُعد بَحّار يستطيع الرؤية في الليل

فيما هو ثمل والقمر كأس فارغة،

بعيدة أنا بُعد اكتشاف، وأنت بعيد بُعد ذاكرة.

 

بعيدة أنا بُعد زوايا الغرفة حيث لا أحد

تكلم أبداً، بُعد الزوايا الأربع التائهة

للأرض. وأنت بعيد مثل أصوات

الأبكم، مثل أطراف القديسين المكسرة

والجنود، مثل الجناح القرمزي للطائر الأسود

الانتحاري، أنا أبعد عنك وأبعد.

 

وأنت بعيد بُعد حصان بلا خيّال

يمكنه العدو ست سنين، وشهرين وخمسة أيام.

 

بعيدة أنا بُعد الخيّال الذي يفرك عينيه

بيديه المـُقرحتين، يرى شبحاً يلبس

معطفه وحذاءه ويقف الآن عارياً في الطريق.

 

بُعد فضاءٍ بين كلمة وكلمة،

نومٍ عميق لمحبوب أُشبـِع حباً

وصفارات إنذارٍ بالحرب لا حيّ يتذكرها،

بُعد هذه الغرفة، حيث لا كلمات قيلت،

بعيد أنت بُعد اكتشاف، وبعيدة أنا بُعد ذاكرة.