قصة لم تنه بعد
كانت «ميّ» بين وقت وآخر تطلع زميلها «زيدون»، على ما يحبّره قلمها ومشاعرها من أوراقٍ وقصاصات. فيكمّل لها فكرة ناقصة هنا.. يصلّح خطأً إملائياً هناك.. يعالج براعم بوحٍ كادت تورق هنالك..
***
في البداية، كانت مي تكتب لنفسها. وقد تُطلع بعض المقربين أحياناً. لكن زيدون وحده، الذي شجعها على مواصلة القراءة والكتابة، بعد أن لاحظ جديّة وواعدية ما تكتب، آخذاً بين فترة وأخرى على عاتقه، نشر ما يستصلحه من كتاباتها، في الصحف التي ينشر فيها.
***
مضى على ميّ وزيدون فترة غير قصيرة. حَفِظَا فيها لبعضهما احتراماً وودّاً جميلين. إلى أن أعمل أحدهم عبثه في شتلة علاقتهما فاستطاع، يخدمه عنادٌ ورثته مي عن أمها، وكبرياء ورثه زيدون عن أبيه أن يباعد بينهما.
***
اكتفى زيدون على خلفية ما جرى أن يمرّق في كتاباته بين الحين والحين. خاطرة لمجلة أو زاوية لجريدة موقعة باسم «مي» يكون قد استوحاها من أفكارها. وكانت هي تقرأ بعض ما يكتبه باسمها. فتبدي ملاحظاتها له مرّة، وتحجم أكثر المرّات.
***
مع توالي الأيام وتوالف الأقدار، صار يتعزّز لدى ميّ حقيقة ما يكنّه لها زيدون من رفيف صادق المشاعر، التي كانت تحسبها طقس مجاملة لا يُعمّر.. وبأحسن الأحوال، إعجاباً عابراً لا يدوم. غير أنها لم تجد في نفسها الشجاعة ولا التواضع الكافيين للتراجع عن موقفها السابق، والمصارحة والاعتراف. فيما اكتفى هو بحضانة حبه لها من طرف واحد. الحب الذي تحول مع الزمن، إلى عشق جارف يهدئه زيدون ويرعاه بالكتابة باسم ميّ..