إنها الـريح وريـاح الشِّـعر
محمد خالد رمضان محمد خالد رمضان

إنها الـريح وريـاح الشِّـعر

«إنها الريح» ديوان للشاعر عمر كوجري صدر عن منشوارت «دار سما للثقافة والفن».  يقع الديوان في اثنتين ومئة صفحة من الحجم الوسط، ويضم بين دفتيه ثماني عشرة قصيدة، ولوحة الغلاف للفنان طه خليل.

من حيث الشكل أتى الديوان على شكل القصيدة الحرة. وليست القصيدة الحرة المتهافتة -أي الشكل النثري- بل على الشكل الحداثي للقصيدة. مع القول إنها لم تستطع تخطي المباشرة واليوميات، فهناك اثنتا عشرة قصيدة مباشرة تماما، وفي اثنتين منها حشو زائد لا ضرورة له، وهناك أربع قصائد فيها بعض المباشرة، وتوجد قصيدتان لا توجد فيها مباشرة. في الديوان قضايا حداثية، إذ جاء ذلك قصيدة «حنين الماء» ففيها تقسيم يعتمد على الأحرف، هي أحرف عنوان القصيدة وكان هذا تقسيما ناجحا وجميلا.

أما بالنسبة لبدايات القصائد فقد كانت كلها لا بأس بها، وتشد القارئ، وفي بعضها جماليات خاصة، كمثل مطلع قصيدة «عابراً إلى عشب الجسد» إذ يبدؤها الشاعر بهذا المطلع:

بيني وبينك

أيتها الصبية

قصائد طويلة من عمر الزمن.

فهو مطلع جميل. أما بالنسبة للنهايات في الديوان فقد جاءت كلها نهايات مغلقة سوى في قصيدتين، علماً لو جاءت كلها نهايات مفتوحة لكان أفضل للقارئ كي يترك له هامشاً من التفكير ليضع النهاية التي يريد للقصيدة. وتترك له إحالة  ما المعنى كي يكتشفه من خلال النصوص، ومن خلال الإشارات التي يستنبطها من خلال قراءته.

 

في الديوان صور كثيرة تعبر عن مقدرة الشاعر على تكوين الصورة وخلقها. والصورة في القصيدة الحرة تعبر عن الشاعرية طبعا، فحين أتحدث عن الصورة فأنا أعني الصورة الشاعرية العميقة التي تتخلل الأعماق، الصور الداخلية التي تدخل الوجدان وتسكن في الأقاصي، وتبقى تتردد في الخيالات والحنايا، ولا تنسى، ولا أقصد الصور الخارجية التي توجد على السطح.

ولدى الشاعر صور كثيرة جميلة. سآتي ببعضها لأدل على جماليتها:

آ- من حقك

أن تسندي دمعك إلى حزني

ومن حق الفراشة

أن تتكئ

على ما تبقى مني من قصيدة عصية .. (اقتباس من قصيدة (انها الريح) ص9.

ب- كلما أهندس ياقة القصيدة

أراك تغمزين لي

تهطلين على قلبي.. اقتباس من قصيدة (للبنفسج لون يديك) ص19.

ج- نهر نهدك يغتال ظلي

فلم ترشينني بحبق الحزن.. من قصيدة (حنين الماء) ص46.

والديوان مليء بمثل هذه الصور الجميلة.

أما عن العناوين في الديوان فأكثر من نصفها عناوين جميلة موحية، وليست مفسرة، أتت لتساهم في جماليات القصائد وترقى بها، فللعنوان مساهماته الكبيرة في جماليات القصيدة، والسمو بها إلى الأعلى، وهذه هي بعض العناوين الجميلة:

- أصابعي حين تشتعل بك، للبنفسج لون يديك، عابراً إلى عشب الجسد، على رخام القلق، حنين الماء، والعناوين الجميلة تدل على مقدرة الشاعر على التعامل مع العنوان.

وفي الديوان بعض الأخطاء القليلة كان بإمكان الشاعر التخلص منها: ومن هذه الأخطاء:

 آ- إنها نفسها نفسها الوردة. ص40 من قصيدة حنين الماء. والصحيح إنها الوردة نفسها نفسها.

ب- أو قامشلي ص16 من قصيدة إنها الريح يا أمي. والصحيح أو القامشلي..

ديوان (إنها الريح) للشاعر عمر كوجري تجربة أولى نرجو أن تتبعها دواوين أخرى، وان يتخلص من بعض الهنات التي وجدت، اشد بيدي على يدي الشاعر، واتمنى له اطراد الكتابة.