هل اهتزت خشبة المسرح تحت قدمي الملك لير؟ يموت الملك.. وتحيا كورديليا..!
تعددت الآراء في عدد من الأعمال المسرحية المقدمة في الفترة الأخيرة، وتسابقت الأقلام في اصطفافات (مع وضد) في ثنائيات قد لا تكون خفاياها دوما واضحة للمتلقي.
فمن الوقوف غير المحدود إلى الهجوم غير المنطقي، كان الطيف واسعاً. كان عرض التخرج لطلاب السنة الرابعة من قسم التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية عرضة هو الآخر لهذه التجاذبات، حيث قدم الطلاب بإشراف أستاذهم المشرف الأستاذ فؤاد حسن عرضاً لمسرحية الملك لير المعروفة لشكسبير.
تميز العمل عموماً بتناقض الرؤية الكلاسيكية مع الديكور العبثي الذي أشرف على تنفيذه الفنان محمد وحيد قزق، والأزياء التي صممتها ريم الشمالي، لم يكن واضحاً إلى أي حقبة زمنية تنتمي، وكأن في ذلك رسالة إلى أن العمل ينتمي إلى كل مكان وزمان، في تركيز على الأفكار الإنسانية الشكسبيرية التي لا تشيخ.
وكان لنا لقاء مع مشرف الطلاب ومخرج العمل فؤاد حسن بالحوار التالي:
العمل من كلاسيكيات المسرح المعروفة، ما الذي يعنيه تقديم عمل كلاسيكي برأيكم؟
ميزة شكسبير أنه يطرح قضايا معاصرة جداً، وهو معاصر بالقضايا التي يطرحها من قضايا السلطة والحب والكراهية والابن الشرعي، وهي قضايا معاصرة جداً، وبالأخص قضايا السلطة، فمفهوم السلطة لديه مطروح كثيراً في مسرحياته، ومن هنا رأينا أن هنالك الكثير من الشبه بيننا وبين شكسبير بفارق أكثر من أربعمائة عام ولكنه يشبهنا.
الملحوظ في هذا النص الشكسبيري أنه يحتوي على شيء مميز له علاقة بثنائية العقل والجنون، هذا التناقض كم هو مهم وكم يعكس شيئاً من الواقع الذي نعيشه حالياً؟
برأيي هي ثنائية فريدة من نوعها، فأنت هنا لا تعرف من المجنون ومن العاقل، عندما يسأل لير من أنا؟ لأنه ظل من؟، وبهلول في آخر مشاهده يقول ستكون من هذه العاصفة بهاليل وليس بهلول واحد، ثم يتحول إلى أربعة بهاليل كأنه يتكلم عن مهزلة كونية العقلاء فيها مجانين والمجانين فيها عقلاء وأقول أنه شيء يشبهنا الآن، من هو العاقل والمجنون.
هناك مشكلة في الترجمة بمعنى استخدام المفردات البعيدة نسبياً في اللغة العربية، برأيك ألا يتسبب ذلك بوجود حاجز؟
عندما تناولنا هذا العمل كان لدينا غير الطموح الذي رأيتموه الآن، وبالتالي أنا اخترت ترجمة جبرا، هناك ترجمات عديدة غيرها أقرب إلى الواقع، ولكن كنا نطمح لتقديم عمل استعراضي أقرب إلى السيرك، ولكننا لم نستطع تحقيق هذا الحلم ولذلك ذهابنا في اتجاه آخر، من هنا كان اختيار هذه الترجمة الشاعرية لدى جبرا إبراهيم جبرا، من الممكن أن تفيدنا في التصور الأول، ولكن وجود عوائق حالت دون ذلك، ومنها لياقة الممثلين فقد كنت أريد من الممثلين المشي على الكرات والقيام بأكروبات، ولكننا لم نستطع وبالتالي نعم كانت هناك بعض المفردات بحاجة إلى تغيير.
استخدمت السيرك، أهو خيار لك أم مطروق من قبل؟
إن مسألة تحويل مسرحية لسيرك جديدة. شكسبير قابل للتأويل وحمال أوجه، فقد قُدم كلاسيكاً وتجريداً وقُدم بصياغات كثيرة. نص لير من النصوص الصعبة كثيراً حيث يوجد فيه ستة وعشرون مشهداً ومعظم الإخراجات لها فشلت بسبب تعدد المشاهد. نجح لير في السينما لعدم وجود تغيير في الديكور، ولغة السينما تختلف عن لغة المسرح، أما هنا فقد ساعدنا الديكور كثيراً، فهو الحل للمسرحية وقد فكرت بالديكور قبل التفكير بلير.
ما هو رأيك بالحصص والتوزيع، حصص اهتمامات المنتجين عموماً لهذا الفن وحصص السلطات المفترض أن تنفق عليه في الأعمال الكلاسيكية؟
لا يوجد اهتمام، فنحن عملنا ضمن المعهد، ولم نعمل ضمن المسرح القومي، الذي لم يقدم عملاً كلاسيكياً منذ عشرات السنين لشكسبير.
ماذا يقدمون إذاً؟
أعمالاً حديثة معاصرة. شكسبير بحاجة إلى إنفاق، ونحن تناولناه لأن التجريب في المعهد متاح ولم نقدمه بشكل كلاسيكي، لأنه يحتاج إلى مبالغ طائلة، وللأسف ليست متوفرة في المعهد ولا حتى في وزارة الثقافة، أو على الأقل ليس هناك نية لتبني هكذا مشروع.
هل من كلمة أخيرة للمتلقين؟
نريد منهم أن يرتادوا المسارح، ويكونوا معنا، المسرح شكل حضاري يحتاج لحضور الناس واهتمامهم، المسرح له أسس تاريخية أقدم وأهم من السينما والتلفزيون والإنترنت والفيس بوك، وبالتالي نتمنى أن يهتموا بالحضور إلى المسرح ونحن بحاجة لهم.
في لقاء مع الفنان الطالب معتز الهواري سألناه:
هذا العمل كلاسيكي، هل هو بالنسبة لكم درس في المنهج الموجود أم أنه يقدم شيئاً جديد لكم؟
هناك دائماً في شكسبير شيء جديد، من الممكن في عام 2030 إعادة تقديمه، وسيحتوي على شيء جديد لأن مسرحياته لا تتكلم عن القصة التاريخية فقط، إنها تتكلم عن شيء يعني الإنسان في كل عصر، واختيارنا لـ لير ليس لكونه كلاسيك فنحنا عملنا على شكسبير في السنة الثالثة، أما الآن فالنص كلاسيكي ولكن العرض برؤية مختلفة.
ما الذي يتغير بأداء الممثل على نفس النص من حقبة إلى أخرى؟
إنها التجربة الأولى لنا، فأنا أقدم شخصيتي هذه للمرة الأولى، هناك كثر قدموها قبلي ولكنني أكتشفها للمرة الأولى، فبالتأكيد بالنسبة لي أنا أمتلك رؤية تختلف عمن قدمها في عام 1996. الأستاذ خريج المعهد قدم لير في عام 1983 وبالتأكيد تختلف عما قدمها، دائماً هناك شيء جديد لكل جيل وكيف يرى الأمور.
ماذا بعد؟ ماذا ستفعلون بعد التخرج؟
هذا السؤال صعب جداً، بالتأكيد نريد أن نبقى ونعمل ولكن لا أحد يدري الظروف صعبة.
مسرحية الملك لير
مسرح الحمراء- دمشق 13-17-حزيران 2015
الممثلون:
أنطوان شهيد، إيهاب شعبان، توليب حمودة، جان دحدوح، شادي قاسم، طيف خليل، فارس ياغي، كندة حميدان، لجين إسماعيل، معتز الهواري.
بالاشتراك مع الممثلة ياسمين المصري، مجدي المقبل، بشار ابو عاصي، غيث بركة، محمد شباط، ملهم بشر
نص: وليم شكسبير
ديكور و إخراج: أ. فؤاد حسن
الفنيون:
منصور نصر (مساعد مخرج)، ريم الشمالي (تصميم الملابس)، ريم محمد (تصميم الاضاءة)، أ. رعد خلف (موسيقى ومؤثرات)، هشام عرابي (مكياج)، كريم هواش (تصميم الاعلان)، محمد وحيد قزق (اشراف فني للديكور)، لين العربيد (تنفيذ فني للديكور)، د. عروب المصري (تنفيد فني للديكور)، وسيم قزق (تصميم المبارزة)، دارين الشلق (أعمال نحتية)، بسام البدر (تصوير فوتوغرافي)، عماد حنوش (تنفيذ الاضاءة)، فؤاد عضيمي (الصوت)، فيصل محمد (مدير منصة)، سمير ابو عساف (مساعد مدير منصة)، مروان الحسين (ملابس وإكسسوار)، جمال الشرع (تركيب وفك الديكور).