«كل إنسان ممثل»..!
على مسرح كلية الهندسة المدنية بدمشق، قدمت مجموعة من طلاب الدراسات العليا المكفوفين في عدد من كليات جامعة دمشق، وبإشراف المخرجة وهاد سليمان، عرضاً متميزاً لم يجر مثيله سابقاً في سورية.
وفي لقاء مع المخرجة وهاد سليمان تحدثت فيه عن العرض، وعن تجربة مسرح اوغستو بوال.
قدمت لعرضك بجمل تقولين فيها: كيف يمكن أن يكون الكفيف ممثلاً؟ كيف يمكن أن يصنع عالم الفرجة؟ كيف يصنع الكفيف فضاءً مسرحياً بجسده وأدواته؟ حدثينا كيف؟
كانت التجربة صعبة في البداية وقد سجلت انسحابات لأنني كنت وحدي، وحاولت عمل مجموعة وحدي، لكن لاحقاً تلقيت مساعدة من الزملاء في اتحاد الطلبة، وشجعوني على الاستمرار، لقد عملت سابقاً في مخيمات اللجوء، لكن هذه التجربة بحاجة إلى فريق متكامل ولا يمكن لشخص بمفرده إنجازها، لكن تعاون فريق العمل هو الذي شجعني، بقينا لفترة خمسة أشهر نتدرب منذ تشرين الثاني 2014، حيث كان الشهر الأول تجريبياً، حتى أعرف مدى إمكانية دخولهم في عمل مسرحي، وما شكل العمل المسرحي الممكن، هل هو عمل احترافي؟ أو على منهج أوغستو بوال؟ وهو ما تم اتباعه فعلياً.
جهود محترفين ساهمت في العمل
في الشهر الأول كان اختباراً لمدى إمكانية دخولهم في العمل، في الأسبوعين الأولين كان أداؤهم متوسطاً وفي الأسبوعين التاليين أظهروا قدراتهم، وقررت البقاء مع هذه المجموعة، وأعطيتهم البرنامج منذ البداية، أي أننا سنقدم عمل مسرحي احترافي ضمن قاعة مسرحية، رغم أن القاعة الحالية هي قاعة خطابية غير مجهزة، ولكن عدلناها من خلال الإضاءة، وقدم عدد من أساتذة المعهد العالي في الشهر الأخير جهوداً كبيرة في المساعدة، ومنهم الأستاذة رموز من قسم التقنيات في الإضاءة والسيد بهزاد طالب في قسم السينوغرافيا، الذي ساهم بتصميم البوستر وسينوغرافيا العرض، والأستاذة ولاء طرقجي في المكياج، والأستاذ وسيم قزق الذي لعب دور الحارس، حيث لعبنا على فكرة أنه يمكن لفنان تخرج سابقاً وراكم تجربة هامة مثل الأستاذ وسيم قزق، الذي يدرس قسمين في المعهد أن يأخذ دوراً صغيراً بمساحة ضيقة، مع من يبدأ الآن في الأداء ولهم هذا الوضع الخاص لكونهم مكفوفين، في نوع من الجرأة في القول «لا للأكاديميات» حيث يمكن لكل الناس أن يعملوا في المسرح وهو منهج أوغستو بوال الذي عملت عليه منذ مشروع تخرجي في المعهد حيث «كل إنسان ممثل».
مساحة التجريب هائلة
وقد عملت سابقاً مع أشخاص لهم أوضاع خاصة حيث عملت مع سجناء، وأطفال الشوارع والسيدات المعنفات، ولاجئات من الحرب، وفي مخيمات اللجوء خارج سورية، لكن مساحة التجريب في التجربة الحالية كانت هائلة، ولكن بعد أربعة أشهر من العمل على الممثل داخلهم، والخيال والتخيل لدى الكفيف، اكتشفنا أن أدواتهم ليست جافة، بل هو عالم هائل وغريب وجميل، وهذا التجريب كان ينحو باتجاه الاحترافية، وقررنا النص في الشهر الأخير من العمل، وهو نص يعتمد كثيراً على الأداء، وهو يميز فيه كل شخصية، وطابقنا النص على الوضع السوري، حيث توجد غرفة مخاصمة وليس هيئة محلفين، واعتمدنا على محامين للتدقيق القانوني للقصة.
كان العامل الأساسي هو طاقة الشباب وحضورهم وموهبتهم.
كيف اخترت الممثلين؟
اختبرت أربعين مرشحاً، ولأنها تجربة أولى كنت مضطرة لأخذ عدد محدود، وكانت لقاءات سريعة، بحوالي الساعتين اخترت فريق العمل، وتكفلت رئيسة لجنة المكفوفين بإبلاغهم نتيجة الاختبار، واستمرينا كثمانية أشخاص منذ البداية وحتى الآن.
هناك مقدرات مسرحية هائلة لديهم، فموضوع تسليم الكفيف لزميله صعب حقاً، ويمكننا تطبيق الكثير من نظرية ستانسلافسكي بإلغاء الجدار الرابع، وانسجامهم واضح جداً، والأفعال الحركية كانت بحاجة لعمل كبير، وكنت أقول لهم أريد من الجمهور ألا يصدق بأن الممثلين مكفوفين.
النص صعب، ألم يجدوا صعوبة فيه؟
تقصدت أن يكون النص صعباً وطويلاً، وهو اختبار أداء، فلا يجب أن يقل عن الساعة والنصف، وهو دون حركة أو أي إمكانيات لأنهم بقوا ساعة ونصف متواصلة على الخشبة، مما يزيد صعوبة الأداء، لأن الممثل هنا بحاجة إلى ضبط الجمهور ليبقى ويشده. أرهقتني أسئلتهم عن النص وهو دليل ذكاء شديد، مما حثني على التفكير دراماتورجياً في كل شيء وكانوا فريقي لمدة ستة أشهر.
وقد تقصدت العمل مع كفيف منذ الولادة أي لا يمتلك صورة عن العالم وهذا كان مغرياً جداً.
مسرح المقهورين
أعود للتأكيد على منهج أوغستو بوال الذي عملت عليه في مشروع تخرجي «تحول عميق في الأنا عند سجينات دمشق» في سجن باب مصلى بدمشق، مع بعض التمارين الارتجالية من مايكل تشيخوف، وكانت هذه هي أدواتنا النظرية للعمل، والترسانة الهائلة من مسرح المقهورين الكافية لأي عمل مسرحي، حيث «كل إنسان ممثل».
عن نص (12 رجل غاضب) للكاتب الأميركي ريجينالد روز
من إنتاج الإتحاد الوطني لطلبة سورية
تمثيل:
أحمد عز الدين
باسل محمد
حسن حمزة
غرام سليمان
محسن مقلة
محمد ابراهيم
محمد عبد الكريم
وسيم كناكرية
صوت القاضي/ الحارس: وسيم قزق
صوت كاتب المحكمة: وليم عبدون
تنسيق منصة:
بهزاد سليمان
تنسيق إضاءة وصوت/ إشراف عام: رموز العلا الخطيب
مكياج: ولاء طرقجي
تصميم البوستر والبرشور:
بهزاد سليمان
تسجيل الصوت: حنين صحناوي
دراماتورجيا وإخراج: وهاد سليمان