الفنان محي الدين الحمصي ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان..!
في صالة الشعب قرب ساحة يوسف العظمة (المحافظة) بضع وثلاثون لوحة بأحجامٍ مختلفة، لكن للأسف الأزمة تلقي بظلالها، فعلى مدى أيامٍ ندر حضور مشاهدين، باستثناء يوم الافتتاح حيث التواجد الرسمي والإعلامي فقط ، ثم يخيم السكون على الصالة.
حول ذلك، وحول المعرض التقت قاسيون الفنان محي الدين الحمصي.
بدايةً المعرض واللوحات دون أسماء، لماذا؟
تعمدت ذلك لأترك للمتلقي الحرية في أن يسميها كما يريد، من خلال التقاطه للأفكار والإيحاءات، لأن لكل مشاهد ذائقته ووعيه فلماذا أقيده.!
كيف تحقق التواصل بين عملك الفني والمشاهد؟
المجتمع أذواق، ولكل مشاهد رؤيته، والمواطن السوري على الرغم من كل شيء لديه ذائقة وثقافة فنية، قادر من خلالها على التقاط الفكرة والناحية الجمالية في اللوحة، من هنا انتقلت في طريقتي بالرسم من الواقعية إلى الجمع بين التعبيرية والتجريد.
يلاحظ في لوحاتك غلبة اللون الأبيض كساحة، وغلبة الألوان الحارة، وقلة الخطوط وتنوع حجم الكتل اللونية وشكلها. ما دلالة ذلك؟
من مقومات نجاح اللوحة توازن الكتلة واللون والخط، والألوان الحارة تضفي على اللوحة جمالية إذا تمازجت بشكل هارموني، وزيادة الخطوط وقلتها مرتبط بحالة الفنان النفسية ووضعه الاجتماعي والظروف المحيطة به السلبية والإيجابية، والظروف الحالية أضاعت الخطوط والحدود لذلك هي قليلة. واللون الأبيض تعبير عن الصفاء والسلام والشعب السوري مسالم، لذا احتل مساحات كبيرة نسبياً كخلفية، مثلاً لوحة تعبر عن صرخة ألم نتيجة رؤيتي لسقوط قذيفة وما نتج عنها، وأنت اعتبرتها صرخة احتجاج، والألوان الحارة تعبير عن مستقبل سورية الذي نتمناه أن يزهر، والألوان القاتمة تعبير عن الأزمة وانعكاساتها.
أغلب لوحاتك بورتريهات لوجوه؟
الوجوه أكثر تعبيرية من بقية جسم الإنسان، الذي يمكن التعبير به عبر الحركة لذا ركزت على الوجوه من خلال ما أراها إنسانياً وبيئياً في البلد بطريقة تعبيرية وتجريدية أكثر من كونها واقعية أو انطباعية لتوسيع مساحة التعبير.
يلفت الانتباه أن بعض اللوحات تبدو وكأنها مستوحاة من لوحات أخرى؟ لماذا؟
نعم، هناك لوحة مستوحاة من الموناليزا، إنها موناليزتي. وأخرى مستوحاة من لوحة بيكاسو ( الجرنيكا) عن الحرب الأهلية الإسبانية، لكن بطريقتي وبخصوصية أزمتنا، ولا شك أن الفنانين لهما حضورهما عند فناني العالم.
ما هي معاناة الفنان التشكيلي حالياً؟
معاناته مركبة بدءاً من ارتفاع أسعار مستلزمات العمل الفني، إلى تسويق اللوحة والنظرة الاجتماعية للفنان، بالإضافة لظروفه الاقتصادية المعاشية كبقية المواطنين.!
الفن إبداع وكل إبداع نور للعقل وغذاء للروح
الفن عموماً والتشكيلي منه ( إبداع ) وكلّ إبداعٍ هو نور للعقل وغذاء للروح، والرسم وجد منذ وجد الإنسان وكان أداته الأولى في التعبير عن أحاسيسه ومعاناته وصراعه مع الطبيعة من أجل البقاء، بدءاً من المرحلة التصويرية البسيطة لما حوله، وتطوره مع تطور الحياة وتعقدها ومع تطور وعيه حتى وصل إلى التجريد، وأصبح سلاحاً في يده في مواجهة استغلاله، والرسم كالموسيقى يعتمد على حاسة واحدة هي البصر، بخلاف أشكال الفنون الأخرى كالمسرح والسينما. لذا الفنان التشكيلي يحتاج إلى جهدٍ لتضمين أفكاره ومشاعره في أعماله بطريقةٍ إبداعية، ويحتاج إلى جهدٍ آخر لتحقيق التناغم بين الألوان والكتل والخطوط وتوزيع الظل والنور، بشكل هارموني كما الآلات الموسيقية، وبالتالي أيضاً يحتاج المشاهد إلى جهد وإعمال الذهن لالتقاط الأفكار والأحاسيس والإيحاءات المقصودة وغير المقصودة.. فاللوحة تشكل فضاءً واسعاً للفنان والمشاهد عبر دلالات اللون وسيكولوجيته، ومهمة الفنان ليس نقل الأفكار والأحاسيس وإنما تنمية الذائقة الجمالية أيضاً، لدى المشاهد لذا تبرز إشكالية التواصل كلما ازداد التجريد.
الفنان محي الدين الحمصي مواليد دمشق 1971 تخرج من معهد الفنون التطبيقية، ومعهد أدهم اسماعيل. وهو عضو في اتحاد الفنانين التشكيليين. أقام عدة معارض فنية فردية أهمها ( معرضين في قصر الثقافة «مكتب عنبر»، ومعرض في المركز الثقافي في أبو رمانة، ومعرض في صالة الرواق العربي، ومعرض في صالة الشعب..الخ)، كما شارك في عدة معارض أخرى مشتركة، منها: ( معرض الربيع السنوي، معارض اتحاد الفنانين ومهرجان مالطة للشباب.. الخ).