بالزاوية: داعش سينمائياً!
هناك ما يشبه الإجماع بين المتابعين، بأن ما بثته قنوات التلفزة عن إحراق الطيار الأردني «الكساسبة» لم يكن مجرد تصويرأحد الهواة اللذين قذفتهم الأقدار إلى حضن داعش، ولا حتى هو تصوير احترافي من المستوى العادي، بل كان فيلماً متكامل العناصر الفنية مشاهداً، وموسيقاً مرافقة، ومشاهد خلفية، وملامح وجوه، ونبرة صوت، ولوغو..
هذا الإجماع في تقييم الفيلم تقنياً، لم يكن كذلك في الإجابة عن سؤال من المفروض أن يطرح، وهو: ما هي البضاعة السياسية التي يراد تسويقها من خلال توظيف كل هذه المؤثرات السمعية البصرية، والتي فرضت على المستهلك، من خلال دفق إعلامي غير مسبوق؟!
إعدام «الكساسبة» حرقاً، جاء ليكون برداً وسلاماًعلى «داعش» من خلال استعادة كل عناصرالمنظومة المكونّة لهذا الكيان عبر هذا الفيلم، على مدار إثنين وعشرين دقيقة من العرض، حيث استحضر الخطاب الطائفي بكل بؤسه، واستحضرت كل عناصر الترهيب التي كانت مقدمة لـ «انتصارات» داعش، ذاك الترهيب الذي حسم العديد من المعارك لصالحها حتى قبل أن تبدأ، بمعنى آخر الفيلم يريد أن يقول إن داعش «باقية» وإن انكسرت هنا أو هناك، وها هي «تتحداكم» جميعاً؟!
كالعادة راح الكل، دولاً ودبلوماسيين وساسة وكتبة، وكذبة يستثمرون في الفيلم – الحدث...
• الغرب المصنِّع، برر من خلاله استمرار حربها المزعومة على داعش، فهو سفينة نوحـ «نا» للنجاة من الإرهاب؟!
• الخطاب الرسمي السوري ذهب إلى دعوة الأردن للتعاون في مكافحة الإرهاب، وكأن مقتل طيار أردني كفيل حقاً، بتغيير موقف المملكة!
• الجوقة الليبرالية وجدتها فرصة لدس المزيد من السم في التراث، فداعش هي «حاملة» هذا التراث، و«المعبرة الوحيدة»عنه كما تصر هذه الجوقة، وبالتالي ليس لنا خيار إلا الاسلام البترودولاري «المعتدل»، أو الذهاب باتجاه المزيد من الدونية تجاه الغرب و«علمانيته» المدعّشة.
• الفيلم تم استثماره من قبل الجميع لاستعادة اللياقة وإثبات الوجود وتبرير المواقف، فكل شيء مباح في «الحرب المقدسة» على داعش، التي أصبحت مشجباً تعلق عليه كل المواقف، ولاغرابة في ذلك أليست وظيفة داعش أصلاً خلط الأوراق وإعادة ترتيبها أمريكياً عبر الترهيب؟