«الرسائل المخفية» في الأغاني.. حقيقة أم خيال

«الرسائل المخفية» في الأغاني.. حقيقة أم خيال

في عام 1878، وبعد سنة من اختراع جهاز الفونوغراف، لاحظ المخترع الأمريكي توماس أديسون أنه يمكن تشغيل الأسطوانة بالعكس للحصول على تأثير ممتع حيث: «تظل الأغنية ذات لحن مميز في حالات عديدة، وتصبح بعض الأنغام جميلة وجديدة، لكنها على العموم مختلفة عن الأغنية التي أنتجت بشكلها الصحيح».

إعداد إيمان الذياب


ومنذ أن اختبر الرواد الموسيقيون في الخمسينيات من القرن المنصرم أجهزة تسجيل الصوت، وتمكنوا من تحرير وتعديل المقاطع الصوتية من خلال تقنية تدعى «ميوزيك كونكريت» (أو الموسيقا الملموسة)، والتي تشير إلى القدرة على تقطيع وتعديل المقاطع الموسيقية وجمعها بحرفية عالية، جرى تضمين «رسائل» وسط بعض الأغاني لتصبح مفهومة فقط عندما يتم تشغيلها بشكل معكوس.
فعلى سبيل المثال، لم تكن فرق «ديث ميتال» الموسيقية، فقط التي تبث رسائل خفية في أغانيها، وصادفت فرقة البيتلز لأول مرة ما يعرف بتقنية «باك ماسكنغ» أو التسجيل المقلوب الذي يحمل رسالة ضمنية، وذلك عندما سجلوا أغنيتهم «رابر سول» في عام 1965.
وذلك من خلال تأثرهم بتقنية «ميوزيك كونكريت» لتحرير الأغاني وتعديلها، فقد ضمنوا رسالة خفية في سطر من أغنية «المطر» التي صدرت في عام 1966.
ووصف أحد أعضائها ما حدث قائلاً: «كنا قد أنهينا العمل الرئيسي في ستوديوهات (إي إم آي) وكانت العادة حينئذ أن نأخذ أشرطة الأغاني معنا إلى بيوتنا، وأن نتخيل طرقاً أخرى لإضافة حيل فنية إليها أو ما يمكن أن يضاف عبر آلة الغيتار. وصلت منزلي في الخامسة صباحاً، وكنت متعباً، واستمعت إلى الشريط في جهاز التسجيل، وتبيّن أني وضعته معكوساً». ويتابع: «وبينما كانت السماعات في أذنيّ، انتابتني نشوة لما استمع إليه، ما هذا – ما هذا؟ لكنني كنت أريد حقاً أن أستمع إلى الأغنية كلها بالمقلوب تقريباً، وهذا ما حدث. وقد قمنا بعمل ذلك في نهاية الأغنية».
بعد انتشار شعبية تقنية الـ«باك ماسكنغ»، اشتهر فريق البيتلز بأغرب الأساطير التي تقال عن فرق الروك. فعندما قامت الفرقة بتسجيل نسخة استعراضية من أغنية «حر كطائر» لجون لينون التي صدرت أول مرة عام 1977، ضمنتها رسالة بتقنية الـ«باك ماسكنغ». في مقطع  يقول فيه «اتضح أن الأمر لطيف مرة أخرى» في نهاية الأغنية.
وصرحت الفرقة لصحيفة الأوبزرفر: «كما أننا وضعنا في نهاية الأغنية، بغرض الدعابة، واحدة من العبارات الساخرة عند الاستماع إليها بالمقلوب، لكي نوفر للمهووسين بفرقة البيتلز شيئا يشغلهم».
اتهامات ب« الشيطانية»
في بدايات الثمانينيات جرى تبادل اتهامات بوجود رسائل خفية «شيطانية» عند الاستماع إلى التسجيلات بطريقة معكوسة، فقد انضم بعض أولياء الأمور القلقين على أطفالهم إلى بعض الجماعات الدينية المتعصبة في أمريكا بعد تأسيس (مركز الآباء للموارد الموسيقية PMRC) في عام 1985. وقد اتُهمت فرق موسيقية مثل «ليد زيبلين» و«جوداس بريست» وحتى فرقة «الإيغلز» بأنها تنشر رسائل «شيطانية» في شكل تمتمات في أغانيها.
فقد ادعى بعض المتعصبين المتدينين بأن إحدى الأغاني الرئيسية لألبوم (الدورادو) عام 1974 تصف المسيح بأنه «الشخص المقرف – وشيطاني»، عند الاستماع إليه بشكل معكوس، ورداً على هذه الاتهامات قامت فرقة اوركيسترا اليكتريك لايت عمداً بإدخال مقطع مخفي ضمن ألبومها التالي يدحض مثل هذه الادعاءات. كما أنكرت الفرقة احتواء ألبوم الدورادو على أي رسائل خفية، وواصلت تسجيل أغنيتها «نار في الأعالي»، وضمنتها كلمات تقول عند الاستماع إليها بشكل معكوس: «يمكن قلب الموسيقا ولكن ليس الزمن...».
وفي عام 1983، أصدرت الفرقة ألبوما بعنوان «رسائل مخفية»، يحوي بكامله كلاما صاخبا يُفهم عند الاستماع إليه بشكل معكوس، وتتضمن الأغنية الأخيرة فيه رسالة معكوسة تقول «شكراً لاستماعكم». بعض الرسائل الخفية تدل على معان محددة عندما تكون كلماتها مفهومة.
للترويج فقط..
أما اليوم فإن العديد من أغاني البوب التي تبدو بريئة – بما في ذلك أغاني ناجحة لمايلي سايرس، وجاستين بايبر- قد اتهمت أيضاً بنشرها لمقاطع معينة عند الاستماع إليها معكوسة. وقد أشار البعض إلى أن بايبر يقول في إحدى أغانيه «سنقصف هذه البنوك/النظام العالمي الجديد الشيطاني/قريباً، أيها الإخوة!». لكن هذه الادعاءات التي نفيت تماماً لم تكن صحيحة.
ويبدو أن قصة الرسائل المعكوسة في الأغاني بدأت تستخدم اليوم كنوع من الدعاية لبعض المغنين للترويج لهم.