عائلةٌ في الحافلة..!؟
لودا زين لودا زين

عائلةٌ في الحافلة..!؟

عنوانٌ يصلح لأن يكون اسماً لمسلسل درامي من الدراما السورية، أو اسماً لفيلم سينمائي وثائقي، عن الواقع السوري الذي سببته الأزمة المستمرة منذ ثلاث سنوات ونيّف..  إنه حافلة تسكنها عائلة سورية، هرب فيها سائقها مع عائلته من الموت، وحولها لمسكن، بعد أن تدمر بيته.

هو ليس حافلةً عادية تسير في الطرقات على خطوط النقل الداخلي، ويزدحم فيها الركاب ترهقهم ذلة الركض بين البيت ومكان التقاط لقمة العيش..
هو حافلة ضحية من ضحايا العنف المسيطر، هرب فيها سائقها، مع زوجته وأطفاله، من منطقة القابون، هرباً من الموت وأملاً بالنجاة، فتعطلت به عند أطراف حيٍّ آمن نسبياً، واضطر أن يحولها إلى مسكنٍ له، بعد أن تدمر بيته. ورفض أن يخرج مشرداً خارج وطنه ليصبح رهينةً تجري الشحاذةَ عليه، ولم يجد ملجأً غير الباص يؤويه من التشرد في الطرقات..!
فاقت هذه الأزمة قدرات كل مواطن سوريٍ على الاحتمال والصبر، وقدراته على الحلّ والخلاص ودفعت بأحد المواطنين، وهو نموذج لغالبية السوريين قبل الأزمة وأثناءها، للرحيل من مدينته السلمية على أطراف البادية السورية في محافظة حماة.. في رحلته الأولى بحثاً عن العمل والرزق ولقمة العيش..
جاء وأسرته إلى دمشق بحثاً عن شيء من أشكال الحياة يختلف ولو قليلاً عن الجفاف والعطش والجوع الذي كان يعصف بهم، وأقام في عشوائيات حي القابون الشعبي. عمل سائقاً لباص من باصات النقل الداخلي.. لكن ذلك لم يستمر طويلاً بعد انفجار الأزمة والعنف الذي رافقها، فكان الباص هو المأوى الأخير له ولعائلته.
تحول مكان السائق إلى محلٍ لموقدٍ صغير تجاوره سلة مهملات بسيطة، وتحولت مقاعد الركاب إلى حقائب ترقد عليها بقايا ثيابهم وحاجاتهم المبعثرة، وفي كل مقعد تجد حكايةً وذكرى طفولة مهشمة، فقد تحولت إلى أسرّة لا تتسع حتى لأولاده الصغار يسجنون فيها، كما أصبحت حلقات إمساك الركاب إلى علاقات لأكياس تحوي بقايا طعام أو أسمال بعض الثياب، أمّا هو وزوجته فكانوا يفترشون الممر بين المقاعد ليلاً في انتظار فجرٍ جديد..
تشبه حال هذه العائلة أبطال القصص والحكايا الخرافية. ينتظر رب العائلة انتهاء الحلم الكابوس عله يحمل له ولأطفاله شيئاً من أحلام حقيقية في عيش أفضل..