حالة حرب
كالعادة انقطعت الكهرباء عنده فقام بتشغيل الراديو عله يجد محطة تريح سمعه إما بحديث جميل، أو ببعض الأغاني الطربية المسائية، وإن كان محظوظاً ربما سيحظى بسماع صوت فيروز الملائكي.. يتنقل بين محطة وأخرى، يهيم في أمواج وترددات الراديو كمن يقطع أمواج البحر
ولكنه بحر مظلم فالكهرباء مقطوعة.
يمر على إحدى المحطات ويسمع كلمات أغنية (حاسس حالي عايش حالة اسما حالة حب)، يتذكر بقية الأغنية ويتمتم بها ثم يبتسم فقد تذكر أنه قرأ على إحدى صفحات الفيسبوك نفس كلمات الأغنية معدلة إذ أصبحت «حالة حرب» بدلاً من «حب» التي في الأغنية الأصلية، ربما كنوع من التعبير الساخر عن الواقع المر والحرب التي يعيشها السوريون ويحاولون مقاومة وقعها بالمزاح والسخرية..
فكر قليلاً فقد سمع هذه الجملة ويسمعها كثيراً هذه الأيام، لقد حاول الكثيرون، ممن حوله، وضعها كحجة لتبرير ارتفاع أسعار الخبز!! وكان يجيب هؤلاء في نقاش عقيم أن الدول عندما تحترم شعبها، وفي حالة الحرب خصوصاً، تغض النظر عن كثير من الأشياء مقابل أن يبقى الخبز خطاً أحمر، وفي بلد مثل بلدنا، الخبز هو آخر ما تبقى للشعب الفقير كي يصمد, والناس يتحملون الكثير من أجل البلد، ولكن هذا لا يعني أن تستغل الحكومة الظروف لتمرر هذه القرارات وتدعم التجار الكبار على حساب الشعب وهي التي صدعت رؤوسنا بحديثها عن حرصها على المواطن ووو..
حالة حرب إذاً!! لكن ما ذنبنا؟ فهذه الحرب لسنا نحن من اختارها، ولسنا من رفض الحلول السياسية لها، ولسنا من كابر ومازال يكابر ويعتقد أنه سوف «يحسم» و«ينتصر», ونحن وفقط نحن من فقراء سورية، من دفع ثمن هذه الحرب، فكيف يريدون منا أن ندفع ثمن مواقفهم أيضاً، ويأتي من يبررهذا القرار وغيره.
يتنفس بغضب وهو ينظر إلى القمر ويستدرك أن الراديو شرد عن المحطة، كما شرد تفكيره هو، يحاول أن يعيد التقاط الإشارة، وبالفعل التقط إشارة وكانت المحطة تذيع موجز الأخبار وكان أول خبر عن صدور قرار برفع أسعار السكر والأرز فنظر إلى السماء الكحيلة وتنهد قائلاً: «ما في عتم إلا وبعده نهار».