أرماديللو... ماذا يفعل الدانماركيون في أفغانستان؟

أرماديللو... ماذا يفعل الدانماركيون في أفغانستان؟

شاركت عدة بلدان في الحرب على أفغانستان واحتلالها عام 2001 وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، ثم أنتجت بعد ذلك عدة أعمال سينمائية بهدف تسليط الضوء على هذه الحرب، وتتحدث معظم هذه الأعمال عن «همجية» الشعب الأفغاني، ممجدة رسائل «الديمقراطية والتمدن» التي يحملها جنود الناتو لأفغانستان في تشويه واضح للحقائق والوقائع.

جاء فيلم أرماديللو، إخراج الدانيماركي يانوس ميتس عام 2010، خارج سياق هذه الجوقة الهوليوودية، حيث يقارب فيه المخرج تجربة بلده الذي طالما اعتبر بلداً مسالماً، متسائلاً عن سبب المشاركة بحرب بعيدة لا تمس حياة شعبه. يتعرف ويعرفنا على آثار العيش في الحرب على جيل شاب رمي في قلبها، فالعلاقة الوحيدة الحقيقية بين الدنمارك والحرب في أفغانستان هي هؤلاء الشباب الذين تغيرهم الحرب بعمق ويتساءل: ماذا يفعل الدانيماركيون في أفغانستان؟
ميس ودانيل جنديان في منطقة هلمند في أفغانستان بعد احتلال الناتو، يؤديان مهمتهما العسكرية الأولى على خط المواجهات في القاعدة العسكرية الدانماركية المسماة «أرماديللو»، حيث تخاض معارك ضد مسلحي طالبان فهم جزء من قوات الاحتلال الغربية المعسكرة في أفغانستان.
تتصاعد وتيرة القتال وتزداد عنفاً ووحشية، وما أن يسيطر التشاؤم والاكتئاب على الشابين ورفاقهم حتى تتشكل فجوة كبيرة بينهم وبين الحياة، ففي أرماديللو تتبلور مشاعر الارتياب وعدم الثقة عند الجنود ليغرقوا في حالة من الاغتراب والإدمان على الادرينالين والمخدرات وبخيبة الأمل في أرماديللو.
من كوبنهاغن حتى وصولهم الى هلمند، ظلت كاميرا لارش سكري تسجل رحلة الجنود، أولبي، مادس ودافيد. في المطار صورت لحظات وداعهم الحزين لأهلهم وأحبتهم، وقبلها بيومين صور حفلتهم الصاخبة الأخيرة قبل ذهابهم الى الحرب. لم يكن عند هؤلاء الشباب، الذين تجاوزوا للتو سن المراهقة والتحقوا مباشرة بالخدمة العسكرية، تصوراً واضحاً، الى أين هم ذاهبون؟
يصور يانوس ميتس هشاشة العلاقة بين هؤلاء الجنود والشعب الأفغاني الذي لم يرحب بالغرباء الذين شنوا عليه الحرب باسم الديمقراطية، ولم يميز الأفغان بينهم وبين مسلحي طالبان الذين شنوا عليهم الحرب باسم الدين وهم في الحقيقة لا يريدون الاثنين بل يريدون العيش بسلام في بلدهم.
نقل المخرج بأمانة الحالة العامة للجنود وصدمتهم، كما حققت الكاميرا مهمتها في نقل المشهد كما هو، ولهذا سببت وقبل إغلاق عدستها مشكلة سياسية في الدنمارك خاصة وأن الفيلم قد فضح الروح العدائية والوحشية التي تستخدمها المؤسسة العسكرية في تربية الجنود، وكان مشهد الجندي الدانيماركي الذي يفتخر بسحل مواطن أفغاني والتمثيل بجثته وراء الأزمة السياسية التي تسببت باحتجاجات ضد الحرب في الدانمارك.