فلسطين تقترب
تقول الثورات العربية إن فلسطين باتت قريبة أكثر من أي وقتٍ، وتقول إن المستحيل هو المستحيل الآن.. الثورات تقول وتقول وعلينا أن نصدّق.. تقول إنها في طريق النصر رغم العقبات، وإنها تصنع الحاضر المحلوم ما دامت فلسطين هدفاً، وموجهاً للدّفة، وسمتاً للبوصلة..
ثمّة في هذا السّواد الدّاكن ما يرفع التّفاؤل عاليّاً رغماً عن تضارب السيناريوهات السّياسيّة. فالحاصل هو معركة تصفية لوكلاء الطغيان العالمي، من تحالف السّلطة والمال، ومافيات الفساد مصّاصة الدّماء، وشبح «فقهاء الظلام» - أعداء فلسطين الرّئيسيين.
لحظة الوعيّ المشرقة تعلن إنّ ما نعانيه سنظل نعانيه بوجود «إسرائيل» وعروش الطّغيان الحامية والرّاعية لوجودها. لذا كرّت مسبحة الانتفاضات بلداً بلداً، لأنّ الرئات التي تتنفّس منها بلدانها هي ذاتها، فكان أن رأينا في تشابه الوقائع والواقع أننا بلد واحد حقاً. وجدنا البرهان على أن رابط العرب الأول، إلى جوار اللّغة، هو الألم.. الألم الذي يرعاه من قال عنهم مظفر النواب: «إن من يغلقون السجون على الناس لا يفتحون على القدس أبوابها المغلقة».. ولأنّه ما من ألمٍ كألمِ فلسطين، وألمنا بفلسطين.. تبقى الجرح، تعلّمنا ذلك على مقاعد المدرسة، والآن نتعلّم أنّها الطريق..
«وحّدنا بمعجزةٍ فلسطينيةٍ» كتب محمود درويش في «مديح الظّلّ العالي»، لكأنّ الهبّة الشبابية التي يعبّر عنها الشباب العربي الفلسطيني جواب على الشّاعر، فهم إذ يعلون وعيهم ويعلنون «الانتفاضة الفلسطينية الثالثة» يضعون الحقّ في نصابه، ويطّوعون الحاضر لتكون الثورة أكثر وضوحاً، وأكثر أخلاقية. وهم في الوقت ذاته يعلنون ولادة الزمن العربيّ، زمن الرّوح التحرّرية الذي يدفع إلى استثمار المناخ الناشئ وتأصيله نهضويّاً بما يتصل مع مشاريع البناء الأولى، لوصلها بالغد محمولة على صلابة الوعي الشبابيّ.
المسيرات السّلمية المليونية المرتقبة في قطاع غزة والضفة الغربية وفلسطين الـ«48»، وفلسطين الشتات اللبناني والسوري والأردني، والاعتصام في الخيام ورفع الشعارات بجميع اللغات من أجل حلم العودة.. كلها ستكون بداية نهاية النكبة، وبداية تحرير التراب كاملاً.
فلسطين تقترب.. وهذه المرة هي علامة الحرية العربية.
فلسطين تقترب.. فهل نبقى نترقّب؟