أبطال وهميّون
سناء ابراهيم سناء ابراهيم

أبطال وهميّون

ما تزال الروح تبحث عن باب نجاة يخرجها من سؤال الموت نحو سؤال متصل بالحياة، فلا تجد إلا الموت صيغة حاضرة، ماثلة، مقيمة، تشتهيها أحيانا ولا تلبيك، وتكرهها أحيانا أخرى فتغتالك..

ما يزال الأبطال الوهميون يفخرون بأمراضهم، يرغبون في الصعود ولو على أكتاف الموتى، يجمعون ما بين البطولة والقذارة، يغرقون بقذارتهم فيغطونها ببطولاتهم، فيغرقون وهم مرتاحو البال..

ما تزال أم الشهيد تسأل كيف أصابت الفجيعة ابنها وهو لم يستنفد أحلامه بعد، تريد تقبيل جبهته لتتأكد من موته، ولتعيد في كل مرة قصة الشاب الذي اشتهاه الموت لأنه لم يكن قائداً في كتائب الموت بل كان ضحية..

ما تزال «سارة» في سرير المستشفى، من بين كل ردات الفعل التي تبديها ردة فعل واحدة: دقة على الطاولة أو الباب توجهها كما الريموت كونترول إلى الحائط، ترفع يديها، تخلع ثيابها، تنتظر خاطفيها أن يغتصبوها مجدداً، ولن تسمع صوتها يستغيث، لأن صوتها ذهب مع أول صرخة ألم وخجل..

ما يزال «عمر» يبحث عن تعريف للشهادة، فلا يقتنع بأن الله يحتاج إلى مقاتلين لإعلاء كلمته، ولا الوطن يرضى بأن يكون أبناؤه ضحايا لحروب الزعماء يتصالحون فوق جثثهم بعد أن يمنحوهم بطولة ما بعد الموت..

ما تزال النخبة مستمرة في السقوط والرصيف مستمراً في الصعود..

ما زال العلمانيون مصرون على تأدية دور رجال الدين، واليساريون دور إخوان مسلمين، مع هذا لم يعد ما تبقى من وطن يتسع للجميع بمن فيهم وسط الوسط ..

ما يزال من تبقى يبحث عن وطن بديل يتبناه، بعد أن كادت البلاد تتحول إلى لوحة مشوهة، رتيبة، مملة، مقرفة، مجنونة، مضطربة، لا عودة للوراء فيها ولا مجال للتقدم، لا عمل، لا أمل، مهلة محددة للموت وفقط ..

مازلنا نتقبل التعازي ونتبادل الشتائم والموتى والتهم، ما زلنا نستعيد صور الفصول الأربعة قبل أن تنضم الفصول إلى قائمة الشهداء ..

ربما تقودنا  خيارات كثيرة  إلى الموت، لكننا متيقنون من حقيقة واحدة أننا ما نزال أحياء..