نقطة بـ بحر
يقول المثل الدارج: «مَنْ لا يعمل، لا يخطئ».
ومثلما يصحّ ذلك على الأفراد، يصحّ أيضاً على الجماعات والشعوب.
بيد أن العبرة، هي في الإفادة من الخطأ، لجهة تلافيه وعدم الوقوع فيه ثانية، من صاحبه أولاً، ومن الآخرين تالياً. ما يوفر الجهد والوقت على المعنيين، وصولاً إلى النتائج المرجوّة.
***
كثيرة هي الأخطاء الشائعة، في مجتمعاتنا العربية، وبما أن سردها جميعاً، رواية مستحيلة، وأسرار البحر موجودة في أصغر نقطة من مياهه. سنقتصر هنا، على التعرّف إلى بضع نقاط ناصعة من بحر أخطائنا الشاسع:
يحاول أحد الآباء، تجنيب ابنه الوقوع في تجربة سلبية قاسية، مشابهة لتجربته، في الطفولة مع ذويه. وهروباً من هذا المحذور، وتوخياً لعدم «كسر شوكة» الولد وتحطيم معنوياته. لا يكتفي ذلك الأب «المثقف». بالابتعاد عن الضرب، كأسلوب كان يتبعه معه والده. بل ويترك لابنه (طفل اليوم ورجل المستقبل) الحبل على غاربه. حتى لطيف التوبيخ، وليّن التعنيف، يستبعدهما الأب «الحنون» من دفتر تعامله. خوفاً من جَرْح شعور «المحروس» أو خدش إحساسه.
وهكذا.. لا يكاد « الابن البار» أن يبلغ سن الرشد - دون أن يرشد - حتى تراه قد كبر رأسه ومداسه، وطال شعره ولسانه، وصار يرى نفسه هو «الكلّ بالكلّ» في البيت: بلا أب بلا أم بلا بطيخ مبسمر!
***
ويحدث أن يضغط بعض الحكام العرب، على رقبة ولقمة المواطن، بقصد الحفاظ عليه ـ سالماً مسلِّماً وغير مسلَّح طبعاً ـ في مربع طاعتهم. ولكثرة مسؤولياتهم ومشاغلهم، قد ينسون أرجلهم، في وضعية الكبس، على دعسة الضغط. ما يؤدي غالباً، إلى انفجار غضب المواطن، وتمرّده على كل أنواع الضغط والأرجل الضاغطة والضاغطين!